مرّت سنتان و بلغ كيوني الثلاثين من عمره، وقد قضى معظم وقته في العمل الجادّ، و فجأة أصبحت حياته لا تعني شيئاً بالنسبة له، وعادةً ما يشتكي من كلّ شيء وأصبح الملل رفيقه.
بينما كان كيوني يعاني في صمت، كان صديقه المقرّب زيستو يعيش فترة من الاستقرار لم يعرفها من قبل، وقد حصل على وظيفة لائقة، وتزوّج وأنجب طفلاً.
أثّر نجاح زيستو في الحياة على كيوني، و جعله يدخل دوّامة من الاكتئاب. لم يكن يحسد صديقه، لكنّه عجز عن ايجاد السعادة التي لم تطرق بابه و لو لمرّة واحدة.
كيوني شخصٌ بارد المشاعر لا يستطيع أن يفهم شيئًا تافهًا مثل الحب، كلّ ما عرفه في حياته هو الكراهية والخوف والوحدة والمشاعر القويّة الأخرى.
حاول جاهداً أن يبدأ صفحة جديدة، لكنّه لم يستطع تجاوز الأزمات التي مرّ بها، و كان يفكّر في الانتقام ممّن أفسدوا حياته، و كانوا السبب وراء اخفاقاته، ولكن لمّا اتّضح له مدى ضعفه مقارنةً بأعدائه، تراجع عن قراره.
لم يُترك له أيّ خيار، وبما أنه شخصٌ نادرًا ما يتحدّث إلى الناس أو يطلب العون منهم، فقد قرّر انهاء حياته التي لطالما اعتبرها حياةً بائسة لا تستحقّ العيش.
أشعل كيوني شمعة، وجلس يفكّر كيف ستكون كلماته الأخيرة ، فقد قرّر أن يكتب رسالة وداع إلى صديقه المقرّب زيستو.
استغرق الأمر منه ليلة كاملة، وقبل الفجر، سار كيوني باتجاه منزل زيستو وترك الرسالة حيث يمكنه رؤيتها.
في الصباح، عندما خرج زيستو من المنزل ، وجد الرسالة التي تركها كيوني ، وعندما فتحها ، لم يجد إلا ورقة بيضاء بدون اسم عليها، استغرب زيستو من الأمر، لكنّه لم يفكّر طويلا في الأمر، مزّقها و مضى في طريقه.