كانت الفوضى عارمة في مدينة فالتس التي لم تعرف الاستقرار من قبل، و ذلك بسبب سياسة فالتيس العوجاء.
كان دكتاتورًا بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى، سُمعته أسوء من سمعة شاندو بكثير، و لم يخضع سكان مدينة فالتس لحُكمه طواعية، بل كانوا مجبرين على ذلك، فبعد أن قُتل حاكمهم السابق على يد فالتيس لم يجدوا حلًا آخر سوى ترك مدينتهم أو العيش تحت رحمة شخصٍ مجنون مثله.
كان يُجبر السكان على دفع الضرائب حتى لا يزهق أرواحهم، و كل من يعارض تعليماته ينتهي به الأمر قتيلًا، و هذا ما دبّ الرعب في نفوس السكان.
لكن لم يلبثوا طويلا حتى انتفضوا في وجه فالتيس و رجاله، و قد شهدت المدينة قبل شهرٍ أعمال شغب و انقلابًا في صفوف الجيش.
و من حسن حظّ السكان المقهورين ان انضمّ إليهم نصف الجنود الذين بقيت في نفوسهم ذرّة من الكرامة و رفضوا رؤية اخوانهم في حالة أقل ما يقال عنها أنها مزرية، و حملوا السلاح ضد مرتزقة فالتيس الذين واصلوا التشبّث بطاعتهم العمياء لسيّدهم الطاغية.
أمّا فالتيس، فهو رجل أشقر يبلغ من العمر الرابعة و الستّون، طويل القامة، ذو شعرٍ ذهبيّ، لا يبدو عليه التقدّم في السّن، نظراته حادّة، فالجميع يهابون تلك النظرة على محيّاه، و عيونه تشعّ بالمكر و الخداع و الدهاء، و هو معروف بذكائه الحاد و حبّه للمال و السّعي لكسبه بأيّ طريقة مُتاحة.
توفّيت زوجته بعد أن ولدت له ابنه الثاني ويليس، أما ابنه الأول يدعى فيليكس.
حظي هاذان الشابان بتربيّة قاسية، و لم تكن حياتهما هيّنة على الاطلاق رغم مكانة والدهما، فقد عاشا من دون أمّ و كان أبوهما مكروها من قبل الجميع. لذلك لم يتمكّنا من الانسجام في المجتمع الذي رفضهما رغم أنّهما لم يحذُوا حذوّ والدهما.
كان فالتيس في قصره ينتظر قدوم أحدهم، و عندها دخل ثلاثة أشخاص، و هُم ابنيه ويليس و فيليكس و الثالث شخصٌ طاعنٌ في السّن.
وقف فالتيس و قال:
"هل أنجزتم المهمة؟!"
أجابه ويليس:
"نعم، لكن هناك من أفسد علينا الخطة، و أنقذ الجميع"
استشاط فالتيس غضبًا و قال:
"كيف حدث هذا؟ و هل تعرّفتم عليه؟"
قال فيليكس:
"لقد أصبتُه بسهمٍ يحوي سُمًا، قد يكون ميتًا بالفعل"
صاح فالتيس غاضبًا:
"لكنّك لستَ متأكدًا يا أحمق"
ساد الصمت للحظات ثم أمر فالتيس الجميع بالانصراف، و جلس على كرسيه الفخم و راح يتمتم بكلام غير مفهوم و تارة يضرب الأشياء بقبضته و تارة يركلها برجله، فما الذي أثار غيظه فجأة؟
