ظلّ كيوني مذهولاً، لأن الشخص النائم على السرير كان زيستو، و قاطع دهشتَه صوتُ الرجل العجوز قائلاً:
"لقد وجدتُه فاقدًا للوعي في الغابة، يبدو أنّه أصيب بتسممٍ من نوعٍ ما".
ثم سأله كيوني:
"كيف استنتجتَ ذلك؟"
ارتبك الرجل العجوز قليلاً، و ردّ عليه بتعلثمٍ:
"لستُ متأكدًا، لكنّي رأيتُ حالاتٍ مشابهة من قبل".انحنى كيوني و اقترب من زيستو ووضع يدّه على جبينه، و شعر بارتفاع درجة حرارته، و كان يتعرّق من شدّة الحمّى، و أدرك أنه أصيب بالتهاب، و من المرجّح أن يكون سمًّا كما قال الرّجل العجوز تمامًا.
ثم قال كيوني:
"علينا أن نستدعيَ طبيباً في الحال".
أجابه الرجل العجوز:
"أجل، يجب أن يتلقّى العلاج في أقرب وقت، حالته تسوء يوما بعد يوم".سمِع جاك ما دار بينهما من حوار و انضمّ لهما و قال:
"أهذا الشخص الذي كنّا نبحث عنه؟!"
أجابه كيوني:
"أجل، لكن لم أتوقّع أن نعثر عليه هنا، تمنّيتُ لو وجدناه في وضعٍ أفضل من هذا".
ثم قال جاك:
"أما أنا فلَمْ أتوقّع أن يكون شابًا في مقتبل العمر!"
ردّ عليه كيوني:
"إنّه في نفس عمرِك تقريبًا"و فجأةً تهيّأَ جاك للخروج و أوقفه كيوني و قال:
"أين تخالُ نفسك ذاهبًا؟"
أجابه جاك:
"سأذهب لاحضار طبيبٍ ليعالجه"انفعل كيوني و صاح في وجه جاك:
"هل نسيتَ ما حدث هناك في الخارج؟ ماذا لو صادفتَ رجال فالتيس؟"
تقدّم الرّجل العجوز و قال:
"دعا الأمر لي، لن يعترض طريقي مخلوقٌ كان، سأبحث عن طبيب، ابقيا هنا سأحاول العودة بسرعة".ثم سأله كيوني:
"هل يمكنك القيام بذلك حقاً؟"
ابتسم الرجل العجوز و قال:
"لا أعرضُ المساعدة على أحدهم حتى أتأكّد من مقدرتي على ذلك".خجل كيوني من كرمِ الرجل العجوز و قال:
"الكلمات وحدها لا تكفي لشُكرِك يا سيّدي".
فتح الرجل العجوز الباب و قال:
"اُشكُرني لاحقًا في حال نجى ذاك الشاّب المستلقي هناك".فور مغادرته همس كيوني لجاك:
"هذا الرّجل غامضٌ للغاية، هل يُجدر بنا الوثوق به؟"
أجابه جاك بعفوية:
"بالطبع يُمكنُنا الوثوق به، فقد أنقذ صديقك، و رحّب بنا في بيته، أليس هذا كافياً؟"
ردّ عليه كيوني:
"بالطبع ليس كافيًا، لقد منعتُك منذ قليل من الذّهاب للبحث عن طبيب، لأن هنالك أمرٌ مبهِم، فمثلاً كيف علِم أنّ زيستو أصيب بتسمّم، و كيف عثر عليه في غابة كثيفةٍ كهذه؟ و كأنّه يعلم بالضّبط أين يتوجب عليه البحث".قال جاك:
"آسف، لكنّني لم أفهم ما الذي ترمي إليه".
اقترب كيوني إلى وجه جاك و صاح:
"لقد فعلتُ كلّ شيءٍ لأجعله الشّخص الذي سيغادر للبحث عن طبيب، و أيّ شخصٍ عاقل لن يوافق على ذهابنا نحن بينما يجول رجال فالتيس في الخارج كقطيعٍ من الذئاب الجائعة باحثين عنّا".ثم قال جاك:
"حسنا، ما الذي سنفعله اذن؟"
وضع كيوني يديه على كتِفَيْ جاك و قال له:
"بصِفتك واحدًا من رجالي سأكلّفك بمهمة".
تفاجأ جاك و قال:
"فهمتُ قصدك يا كيوني، تريد منّي اللّحاق به، صحيح؟"
أجابه كيوني قائلًا:
"يبدو أنّك شخصٌ لا يُستهانُ بدهائه".رفع جاك سيفه و قال:
"أُترك الباقي عليّ، اعتني بصديقِك ريثما أعود".
ابتسم كيوني و قال:
"أجل سأفعل، اعتِني بنفسِك كذلك، و لا تستهِن بذلك العجوز، فهو بالتأكيد ليس سهلاً".و غادر جاك بدوره ساعيًا لاقتفاء أثر الرّجل العجوز الذي ارتاب كيوني منه، و شكّ في أمره، و أحسّ بوجود أمرٍ غامض بخصوصه.