•••
الجزء الأول: عروس من الجليل
..
جليل فلسطين، ربيع عام 1967:
اغنية من التراث تغنيها نساء الحارة في الليوان- للعروس الجالسة برهبتها في الداخل بغرفتها..
عروس ذات وجه حزين، مثل ايقونة منحوتة من الشمع ومزينة بالقماش المطرز والساتان الناعم، مع دمعة مرسومة باللؤلؤ عالقة لا تنزل عن الخد المتورد-
بأسى تقبض قلبها، تلك اليد المرتجفة المحناة والمغسولة بماء الورد. من في عز دار الفرح وسط الزغاريد والرقصات سيقول ان هذه دموع الجزع والخوف؟
جميل ان تبكي العروس وان تصمت من الحياء- هكذا قالت العمات والجارات-
لكن سيء، سيء جدًا ان تبكي (سالومي) على نفيها من جنة جليلة الى مدينة بعيدة تراها صفحة من ورق في كتاب رحلات وحكايا-
ما هي تلك البلاد؟ ماذا تشبه؟ هل بيوتها مسكن؟ وهل ناسها اهل؟
كلها أسئلة تسألها لتجاهل السؤال الوحيد الذي لا تسأله حتى لنفسها-
ليش انا؟
ثم تأتي ابنة عمها (رِفقة) تناولها منديل لتمسح دموعها، وتهمس لها ان (العريس) يُزف في الخارج-
"قومي والبسي فستان عُرسك"
فتنظر اليها العروس ويأتي السؤال- لماذا لم يأخذوك انت يا رفقة؟ لماذا انا؟
"سأبقى بالأسود.. لن أنزع الأسود، فهذا مأتمي وليس عُرسي"
"لا تجني، سيغضب عمي سلّوم"
وقفت عند النافذة تبحث عن والدها بين ضيوف العرس، هو واقف مع عدد من الضباط والجنود-
"من قام بدعوة اولئك الضباع الى بيتنا؟"
"سيرافقوكِ الى الحدود.. انهم اصحاب والدك"
وسؤال طرحته من اول مرة تعرفت بها على (عريسها)، كيف عبر من بلده لبنان الينا في ظل هذه الأوضاع المعقدة؟
قالوا ان جوازه فرنسي وانه عاش كل عمره في فرنسا.. وسكتوا.. فسكتت.. رغم انها لم تفهم ما العلاقة وما الفرق.
دمعت عينها وابتسمت بحرقة "لم يتبقى ما يُباع على هذه الأرض فبدأتم بالمتاجرة ببناتها.. هنيئًا لكم- ولكنكم لن تنجوا ولن تهنئوا"
صفعت النافذة وخرجت من غرفتها، مباشرة جلست في (اللوج)-
سكتت الاغاني..
العروس ترتدي الاسود..
تكلموا معها.. اقنعوها.. فهّموها..
لا يجوز ان ترتدي العروس الأسود!
أنت تقرأ
Salóme || الهانم والشيوخ
Romanceسالومي- اسطورة ملعونة واتهام ثقيل يصفها ببنت الشيطان- وقربان لفك تعويذة أحد أسياد العالم السري من النخبة، الى ملكة مقدسة على قمة العالم. جمال، شهرة، نجومية، ثراء، زواجات متعددة، عشاق سريين، اخبار وفضائح.. وبالطبع احزان وآلام وذنوب ومآسي.. سالومي. ...