CH43

638 29 49
                                    


•••

في ايلول.. الحوت ابتلع القمر..
•••

ليلة عرض الفيلم الأخير، وقفت سالومي امام ملصق الفيلم، نظرت مطولًا، وجهها مرسوم، ووجه اوسان مرسوم، اسم زوجها في الأعلى واسماؤهما في الأسفل-

مثلث النار الذي احرقهم جميعًا..

خلال الاستقبال احست بالغربة، شعرت ان شيء غير طبيعي يحصل، شعرت ان العالم اسود، وان الوجوه التي تقابلها تكرهها، شعرت بثقل لدرجة احساسها بأن الحضور موجودين ليتفرجوا على فضيحتها وخطيئتها..

لم تشعر بالسعادة التي غمرتها كلما لامست نجوم السماء في ليالي عرض الافلام السابقة، ولا ببهجة ليالي الحفلات الضخمة، في التجمعات اللامعة ومع النخبة من الناس-

شعرت بالضياع، تمنت لو تستطيع الهرب والاختباء، تمنت لو لا تضطر على الوقوف بفخر مميت الى جانب زوجها المُرهق من تزييف ابتساماته.

في هذه الليلة حنا يونان لم يزيف ابتسامة، لم يخفي كآبته ولا مزاجه المظلم، وهي صارت تشبهه-

لا ابتسامة، بفستان مخمل اسود، وشعر ملموم ومرفوع بيّن كل وجهها بتعابيره الحزينة، لا اشراق في اطلالتها، حتى طوقٌ الزفير حول عنقها بدا مثل دموع الدنيا عليها، لا بهجة ولا حياة..

وجهها ابيض شاحب ممسوح كأنها دمية بورسلان لولا احمر الشفاه القرمزي الذي بالكاد وضعته، ولم تضع زينة سواه-

"سالومي تزداد جمالًا مع كل خطيئة، جمال لا يمكن كبته حتى بثوب اسود وبلا مساحيق تجميل.." الاصوات في رأسها من تقول ذلك-

هي مهما حاولت استخراج شعورها بالذنب والندم، فإنها لا تشعر به بحق، ما في داخلها شعور عظيم بالفخر، شعور تجاهد لقمعه.

حقيقة هي فخورة بقهر زوجها وبحصولها على حضن حبيبها.

حين قابلها زوجها في غرفتها ليغادرا سويًا الى الحفل ويظهرا معًا امام المجتمع، سألته مترددة متصنعة عدم الثقة-

"هل ابدو وكأنني ذاهبة الى عزاء؟"

فابتسم واخذ بيدها، كان من قدم لها طقم مجوهرات من الزفير والبسها إياه.. لم ينسى إعادة خاتم زواجها الى اصبعها..

وقف امامها يتأملها، بلا أي كلمة، سحب خصلة من فوق جبينها وانزلها على وجهها فبدت أجمل..

يدها حول ذراعه بثبات وحضور، سارا سويًا امام المجتمع الى صالة العرض الضخمة وسط الحشود، حيث قابلا كل الناس-

وقابلا اوسان سويًا في الاستقبال-

سالومي لم تقوى على التزييف لما تلاقت اعينهما، احمرت تلك العيون العاصية واعتصر قلبها، جربت الا تبكي من ألمها وظلمها لهما فزيفت ضحكة مشرقة وسلام قصير بطرف اصابعها، أما صاحبه فعانقه وسلّم عليه بحب لا يتبدل..

Salóme || الهانم والشيوخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن