CH41

273 26 39
                                    


..

الجزء الثامن: انا لحبيبي وحبيبي لي.. الراعي بين السوسن..

••••

بعد عدة شهور-

اجتمع حنا بأوسان بزيارة الى عمان، ووضع امامه نص جديد على امل ان ينضم الى فيلمه الأخير-

"سيكون الأخير أوسان، اعدك" قال بابتسامة-

ابتسامة تتوسط وجهه الذابل المرهق، ابتسامة تذيب جليد عينيه فتدمع، ابتسامة حزينة تودع الأشياء، ابتسامة راضية، وابتسامة معتذرة.. عن كل شيء.

"أعترف انني أخفقت في المجتمع وادرت الكثير من الحماقات، لكن هذا- هذا هو مجدي يا صاحبي" اشار يونان الى النص بفخر

بوضوح يُقرأ على وجهه انه قضى لياليه يكتب مثل المجنون بهوس مرعب دون توقف حتى السطر الاخير..

أوسان لم ينطق بحرف، فتكلم حنا-

"انت من ستأخذ عماد القصة.. الى جانبها، مُلهمتنا.. سالومي. تمامًا مثل فيلمنا الأول سويًا.. وسننهيه سويًا.. حيث بدأنا"

"حنا" حاول قول شيء يواسي حزنه الظاهر

فقاطعه "اتفهمك، انت مثل اينياس، كان عليك عبور البحر لبناء ارثك فتركت الحب خلفك"

واينياس، شخصية أسطورية لأمير طروادي هرب من دمار طروادة عبر البحر بمهمة مصيرية لبناء وطن جديد، فتلقي الأمواج سفنه على شواطئ قرطاج-

حيث يقابل الاميرة الفينيقية ديدو، فيعجب بحكايتها ويرى نفسه فيها، لأنها مثله اميرة هربت من بطش اخيها في مدينة صور، وقامت ببناء مدينة قرطاج لها لتحكمها-

تتطور الحكاية وتتكون قصة حب بين ديدو واينياس، لكن نزعة اينياس وشغفه لتحقيق مهمته وبناء وطن يخصه- تعيده الى البحر ليسافر، فلا يستطيع اخذ حبيبته من بلد مجدها ولا يستطيع البقاء والتخلي عن بناء امجاده هو، فعليه تحقيق نبوءة فتح تلك البلاد الموعودة التي سيحكمها ويعمرها-

تُترك ديدو في حزنها، فتأمر ان تنصب محرقة جنائزية، وتحرق فيها كل ما تركه حبيبها اينياس، ولشدة مأساتها برحيله- تلقي نفسها في المحرقة وتسقط فوق سيفه ميتة..

تلك هي الاسطورة المصدر، وليست تصور يونان الحرفي.

"مصير الانسان معلق ببناء إرثه وليس بالخضوع لسلطة الحب" يقول حنا لأوسان

واوسان صامت..

فيزيد صاحبه "انت اكثر من يوافقني الرأي، في وقت مضى حين لم أكن انا ولا نجمة الصبح المضيئة سالومي- كنتَ قد تركت حبك لتسافر وتبني ارثك اوسان- تركتها ورحلت الى مصر، فطلت نجمتنا المتوقدة واستوطنتنا، مصر لم تكن ارضك. ثم رحلتَ مجددًا الى عمّان، وفي عمّان تبني ارثًا من جديد وتلك هي ارضك- اما ابنة سلوم المتعطشة للغزو بقيت تحت ثريات بيروت المزخرفة بين امجاد لم تعد ترضي عينها. هي لا تشبهنا، هي تغزو لتجد الحب، ونحن نبني اقواس نصر في أراضيها لنخلّد فيها بنقش عظيم"

Salóme || الهانم والشيوخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن