Part (36)

352 18 2
                                    

ساد الصمت لدقائق قليلة، في الواقع كانت نور تحاول استيعاب تلك الجملة التي تفوه بها، تشعر أنها أصبحت غبية أو ربما عقلها توقف عن العمل،
انفصال ماذا تعني هذه الكلمة؟!
في الواقع هي لا تعنب إلا معني واحد واضح وصريح للغاية ولكنه بالطبع لا يعني ذلك!

خرجت عن صمتها اخيرًا وقالت:
نعم! انت قولت اي يا سليم؟

كرر سليم جملته بثقل وكأن الجبال تقع فوق صدره:
لازم ننفصل يا نور احنا مينفعش نكمل سوا.

نهضت نور وقالت وكأنها لم تسمع شيئًا:
انا قايمة اكمل الاكل يا سليم.

قال سليم بحدة:
انا لسه مخصلتش كلامي يا نور عشان تقومي تمشي.

قالت نور بعند:
وانا مش عايزه اسمع الكلام اللي ملوش لازمة ده يا سليم.

قال سليم:
بس ده مش كلام ملوش لازمة ده اللي قريب هيكون واقع...احنا هنتطلق يا نور.

لم تحتمل اكثر فقالت بصدمة وبدأت الدموع تتساقط من عينيها:
طلاق! سهلة عليك اوي الكلمة دي يا سليم...ببساطة كده عايزانا ننهي كل حاجة في لحظة.

لا لن تضعف أمام دموعها هكذا كان يحدث نفسه، لابد أن يرتدي قناع القسوة والجمود أمامها، هو يعلم تأثير هذه الكلمة عليها ولكن ما لا تعلمه هي أن تلك الكلمة بمثابة سكين ذو نصل حاد تمزق قلبه وروحه إلي أشلاء، هو لا يقوي علي فراقها ويعلم أن فراقها هو الموت بحد ذاته، ولكنه يحبها! لا! بل هو يهيم بها، يشعر وكأنها الدم يسري في عروقه، يشعر وكأنها النفس الذي يتنفسه، ولكنه سيصبح سببا في تعاستها، هو لن يقوي علي الحركة مجددا لم يعد بإمكانه أن يكون سندها وأمانها بعد اليوم لقد علم أن تلك العملية التي يتوقف عليها شفائه -بإرادة الله بالطبع قبل كل شئ- خطرة وأيضا نسبة نجاحها ليست كبيرة، هي ما زالت شابة صغيرة وجميلة لما تربط مصيرها به وهو أصبح عاجز الأن لا يقوي حتي علي قضاء أموره بنفسه، فكيف سيكون لها السند والأمان، إن مرضت يوما لن يستطيع أن يساعدها ويجلب لها طعامها، إن تعرض لها أحدهم لن يستطيع حمايتها، سيصبح مجرد عالة عليها طوال العمر فقط، هو لا يقنط من رحمة ربه ولا يجزع ولكنه لا يستطيع أن يري عجزه في عينيها يكفيه الألم الذي يشعر به.

أفاق من شروده علي صوتها المتوسل وهي ترجوه بدموع:
رد يا سليم متفضلش ساكت...اتكلم...سهل اوي كده تنهي كل حاجة.

يا الله لماذا تضغط عليه، هو لا يحتمل مجرد التفكير أنها ستفارقه ولكنه يحبها ولن يكون أنانيًا، ولكنه ضعيف أمامها سيخسر بالطبع أمام دموعها فأغمض عينيه وقال بجمود ظاهري:
انا عايز اقعد لوحدي يا نور.

صدمتها الآن وألمها أكبر بكثير من صدمتها وألمها عندما تلقت الخبر، نظرت إليه بدموع ثم غادرت، تركت الغرفة وذهبت بعيدا عنه وهي تشعر أن الأرض تدور بها، لم تعد قدماها تقوي علي حملها جثت علي الأرض وبكت بكل ما أوتيت من قوة، شعرت بألم أسفل بطنها وكأن جنينها يشاركها هذا الألم، وضعت يدها علي بطنها وخاطبت جنينها الذي لا يعلم أي أحد بوجوده إلا هي وقالت بحزن:
بابا كان هيفرح اوي لما يعرف إنك موجود، كنت محضراله مفاجأة ومتأكدة إنها هتعجبه، بس للاسف كل حاجة اتغيرت في دقيقة.

نـــورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن