Part (37)

385 15 2
                                    


نهضت نور ولملمت شتات نفسها وغادرت بسرعة ودموعها تتساقط بغزارة علي وجنتيها، ركبت بجانب والدها وعينيها معلقة بالمنزل، تشعر أنها تترك قلبها معه وترحل، بعدها عنها أشبه بنزع روحها من جسدها، طوال الطريق تبكي بلا توقف ووالدها يتركها تبكي لعلها ترتاح قليلاً، وصلت المطار وتذكرت المرة الأولي التي جاءت هنا وكانت تبكي أيضا لأنها تشتاق إليه، كانت متجهة إلي الغردقة أيضا، يبدو أن الأيام تعاد من جديد ولكن بشكل أقسي وأشد ألما، ولكن ثمة اختلاف كبير، المرة الأولي لم تكن زوجته، لم تكن تحمل في بطنها طفل منه، لم تكن عاشت معه الحب بكل جوارحها ومشاعرها، لا تدري كيف حدث كل هذا، لما كلما التقيا مزقتهم الأحزان وفرقتهم!

عودة إلي سليم مرة أخري، بعد مغادرتها فتح عينيه علي اتساعهما، كان في حالة صدمة شديدة، عندما دلفت هي للغرفة أدعي النوم فهو أضعف من أن يراها تذهب ولا يصرخ بها أن تبقي، قد يتفوه لسانه ببعض الترهات أنه لا يريدها ولكن كل شئ فيه يصرخ به كفاك جنونا أنا لا أريد من هذا العالم سواها.

ولكن عندما أخبرته أنها تحمل طفله في أحشائها كانت هذه القشة التي قسمت ظهر البعير.

يا الله! كانت هذه أمنيتهما، طفل صغير يربونه علي طاعة الله ويملأ حياتهم بالبهجة والضحكات،  لا أحد يشعر بما يعانيه هو، لا أحد يشعر بكم الألم النفسي والجسدي الذي يفتك به، هو يعلم أنه كان قاسيًا معها للغاية ولكن ما لا تعلمه هي، أن قسوته تؤلمه هو أكثر مما تؤلمها، لأول مرة يشعر بكل هذا العجز والتشتت، حتي أنه لا يستطيع أن يتوضأ ويصلي ويشكو لخالقه، يا الله! أصبحت تلك الغرفة سجنه، بكي بشدة، صرخ بقوة صرخة هزت أرجاء المنزل، بكي كما لم يبكي من قبل، لا أحد يشعر به وما يؤلمه أكثر أن حبيبته، الفتاة الوحيدة التي أحبها من صميم قلبه هي الآن تبكي بسببه وقلبها مفطور بسببه.

يــــارب.

قالها من أعماق قلب مفطور من فرط الوجع.

يبكي بشدة ويناجي خالقه:
انا تايه يارب وضعيف...أضعف من إني استحمل بعدها...وأضعف من إني اسيبها تربي ابننا لوحدها...انا بحبها يارب وانت اكتر واحد عالم باللي في قلبي...اكتر واحد عالم بالوجع اللي جوايا واللي انا حاسس بيه...انا راضي يارب ومش معترض وبعدتها عني عشان مش هقدر اشوفها بتتعذب معايا بس انا محتاجها ومش عارف اعمل اي...وحدك يارب عالم ومطلع علي قلبي وعالم إني راضي...بس انا تايه ومش عارف اللي بعمله ده صح ولا غلط...صح ابعدها عني وانا روحي متعلقة بيها...طب اسيبها معايا وانا عارف إني هكون عبء وحمل عليها...يارب دلني علي الصح يارب...رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين...رب إني مسني الضر وأنت ارحم الراحمين.

ظل يناجي ربه طوال الليل حتي غلبه النعاس.

في صباح اليوم التالي استقيظت نور فوجدت نفسها في غرفتها بمنزل أبيها فابتسمت بمرارة، كم كانت تتمني لو أن كل ما حدث كابوس وعندما تستقيظ تجد نفسها بجوار زوجها.

نـــورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن