[10]

870 130 20
                                    


(أضئ نجمة... لألمع أكثر)

كانت تمشي بخُطى بطيئة متعمّدة، غماماتٌ من البخار تنبثقُ من فمها بينما ترفعُ وجهها عاليا إلى السماء التي احمرّت وجنتاها خجلاً مع اقتراب إنزلاق ردائها المُخملي المغيّم عن كتفيها و ولادتها مرّة أخرى في ثوبٍ ليليٍ مُغرٍ.

تركت ايمي المجال لقطرات المطر الخفيفة لتملأ مساماتها و تتسرب إلى داخلها حدّ غرقها بشعورِ الطمأنينة.لم يكن الجو بارداً جدا، كما أن ثلوج الأيام المنصرمة أضحت بركاً متفرقة تخطفُ للمارّين صوراً إستثنائية و تخزّنها ذاكرة الشوارع التي لا تَشيخ ولا تنسى.

بينما هي على تلك الحال من التأمل و السكينة لم تجد فجأة سوى ظلاًّ ثقيلا قد أرخى براطمهُ على وجهها ليحجب عنها منظر السماء البهيّة، مطاّرية سوداء ضخمة أضحت تعتليها كقبةٍ إسلامية متقنة التفاصيل، ارتسمت على ثغرها إبتسامة لطيفة قبل أن تتوقف عن السير.

" لقد لحِقتَ بي في النهاية... "

"أخبرتِني ألّا ألحق بكِ إلا اذا كنتُ...."

" غبيّا! "

" أنا غبيّ بالفعل و مُذ تعرّفتُ عليكِ زادت نسبةُ غبائي بشكل ملحوظ"

ابتسمت و قد لمع في عينيها بريق إمتنان. التفتت نحوه ثم طلبت منهُ إغلاق المطّارية فلا داعي لها مع هذه الزخات الدقيقة.أذعن لطلبها مُبتسما قبل أن يقترب منها و يقف بجانبها، ارتعشت أهدابها حين رأته يدنو من خدّها فجأة

" ما..ما... خطبك! "

" أنتِ... "

همس بأذنها لتسري بجسدها قشعريرة باردة.

" أنتِ ستحمِلين المطارية...لا يعقل أن أتمشى في الشوارع و أنا أحمل في يدي هذه المطّارية الأشبه بالشمسية بل و الأشبه بعكازِ عجوزٍ مُطّلّق! "

حدجته بنظرة جانبية تحملُ كمًّا معتبرا من الشرّ قبل أن تسحبها من يده و تضربه بمقبضها إلى رأسه ليتأوّه في صمت.

" لم أفهم ما علاقة العجوز المطلّق بالأمر، كل كبار السنّ يملكون عصيًّا يتكئون عليها"

تمتمت بصوت خافت و قد استحثّت الخطى.

" الأمر واضح، لأنهُ اختار المطّارية القبيحة بنفسه فلا شكّ أنه وحيد! أغلب الرجال يمتلكون ذوقاً سيئاً في الأشياء.. "

ظلّت ترمقه بنظرات جانبية متوجّسة و هو يرخي رأسه على يديه المتشابكتين خلف عنقه لكنها سرعان ما حوّلتها بعيداً حين لاحظها.

مقهى السعادة(مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن