[23]

643 104 14
                                    

" أ واثقٌ حقّاً أنّكَ أحسنُ حالاً؟ "

لم يكُن الشحوبُ قد فارقَ وجهَ ايمي بعدُ و هي تكرّر سؤالَها للمرة الثالثة، أومأ جيون برأسهِ مؤكّدًا و هو يتكِئُ على الجدار خلفه بينما انزلقت من جبهته آخرُ حبّاتِ العرقِ البارد

كانت جالسةً على ركبتيها مقابلةً له بعدما فكّت أزرار قميصه و ساعدتهُ على خلع السترة العلوية

تبادلاَ النظراتِ الحائرةَ طويلاً بينما يعلقانِ في الصمتِ الذي أُحيلَ طيناً دبِقاً. قررت إيمي النهوض أخيرا للبحث عن أقربِ متجرٍ لتبتاعَ لهُ قارورة ماء لكنّه أمسك بذراعها قبل أن تهمّ بالإستقامة.

" لا بأس، أنا سأذهب، أنتِ ابقِ هنا و انتظريني... "

ابتسمَ بلُطف و بدت لها ابتسامتهُ أشبهَ بشمسٍ شاحبةٍ انبجست خلف حديقةِ ورود ذابلة. حاولت العنادَ لكنّهُ كان قد وقفَ مسبقاً و حين فعلت هي الأخرى و أضحت موازية له، أشار بإصبعهِ إلى ركبتها، لم تشعر إلّا وقتها أن شيئاً دافئاً و حارقاً كان ينزلقُ على ساقها وصولاً إلى الأرض

انكمشت ملامحها تزامناً مع شعورها بألمٍ رهيبٍ ينخرُ ركبتها خصوصاً بعدما وضعت كامل ثقلها عليها.

" هل ستكونُ بخيرٍ حقّا؟ "

"أنا أعدُكِ أنني سأكون بخير، سأعودُ بعد لحظات، فقط اجلسي و انتظريني..."

حثّ خطواتهِ ببطئ و هو يعدّل ملابسه و شعره الذي ابتلّ تماما بالعرق لكنّه توقّف فجأة حين استوعب أمراً ما، استدار إلى ايمي التي كانت قد جلست على صخرة صغيرة قريبة للأرض و ظلّ يحدّق بها، توجّست هذه الأخيرةُ و ظلّت تطالعهُ بذاتِ الإستغرابِ الذي يعلوه.

" مهلاً، كيف لي أن أتركَ شابّة بمفردها في زقاقٍ مظلم كهذا؟ "

مرّر يدهُ على جبهته و قد بدى أنّ الشعورَ بالخزي قد استحوذ عليه، ابتسمت ايمي ثم ضحكت بصوتٍ خافت جعلهُ يعاودُ النظرَ إليها.

" لا تقلق،لقد قررتُ أنني سأدافعُ عن نفسي من الآن فصاعداً، لقد أخبرتني مسبقاً أنني ما كنتُ لأنجو من دونك... لذلك سأريك... "

" لقد كنتُ أمزحُ فقط... "

غطّى وجهه بيده و قد باغتتهُ ضحكةٌ ساخرة، حين استعادَ جدّيتهُ تقدّم نحوَها ثمّ انحنى أمامها و أسدل سترتهُ التي كان يحملها على ذراعه فوقَ رُكبتها.

" ماذا، أ تخشى أن تجذبَ رائحةُ دمائي مصاص دماءٍ ما؟"

"بل أخشى أن تجذبي بشريّا ما و ينتهي الأمرُ بكارثةٍ أكبر بالنظرِ لهذا الفستانِ الذي ترتدينه..."

مقهى السعادة(مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن