« إذا كنتَ تسمعُ هذا الجزءَ من قصّتي الآن، فعلى الأغلب لقد رحلتُ إلى مكانٍ بعيدٍ جداً، لعلّ أكثر ما يحزنني أنني حينَ وضّبتُ حقائبي، سقطت منّي عيناهاَ و أضعتُها، وصلَ قطاري مبكّرا و غادرتُ دونَها، بكيتُ على كتفِ الرحيل و شعرتُ بها تَبكيني... ذات ركنٍ أحببتُها فيه...»
استفقتُ مذعوراً ما إن أدركتُ عددَ المرّاتِ التي أخرستُ بها المنبّه الصاخب بجانب سريري سابقاً، كانت لحظة إدراكٍ مُسببة للصداعِ هي تلكَ هَوت على رأسي: إنه اليومُ الموعود و أنا متأخرٌ بنصف ساعة!
قفزتُ صوبَ الخزانةِ مباشرة بحثاً عن شيء ملائمٍ أسترُ بهِ ذوقي العشوائي في الملابس، لكنّي كنتُ كمن ينشدُ تفاحةّ في حقلهِ المزروعِ بصلا!
لم آخذ وقتاً طويلا للتفكير، في النهاية لم يكن لديّ حلّ آخر، حتى و إن كان مقاسُ صاحبِ العضلات أكبر من مقاسي فأنا أجزم أن لديه قطعاً أنيقة في خزانته، في النهاية هو شخصٌ لديه حبيبة و إلتزامات غرامية.
ولجت غرفة جون الغارقِ في نومه على أطراف أصابعي، لم يكن ذلك نابعاً من إحترامي لهُ طبعاً، كل ما في الأمر أنه كان ليذلّني و يمسحَ بكرامتي درجَ البناية بأكملها إن علمَ أنني تأخرتُ عن معرضي الخاص!
الأسوأ أنه كان سيستيقظ قريباً ليلحق بي إلى الجامعة، لم أتخيّل سيناريو بذلك الرعب يوماً، أن يفتحَ عينيه و يجدني كالأبله واقفاً أمامه بل و أختلسُ من ملابسه أيضا! سبّب لي التفكيرُ في الأمرِ قشعريرة لا مثيل لها.
أخذتُ أسرعَ حمّامٍ في حياتي كلّها ثم ارتديتُ بذلتهُ التي نالت إعجابي على غير المتوقّع، كانت سوداء و أنيقة، قمتُ بطيّ أكمامها ثم رششتُ قارورة العطر جميعها حولي قبل أن أحمل هاتفي و أنسلّ من الغرفة كاللصّ، لم يُسعفني الوقت لتناول فطوري حتّى، ربّما كان ذلك سبب شعوري بالدوار و أنا أركض درجَ البناية نزولاً.
ما إن ولجتُ الكليّة حتى شرعتُ في الركض في ذلك البهوِ الشاسع الذي كان شبهَ خالٍ،الأمرُ الذي أجّج من قلقي أكثر، لا بدّ أن الجميع قد دخلوا بالفعل
لم آخذ من الوقت أكثر من دقيقة لأبلغ نهايتهُ حيثُ القاعةُ الكبرى، استشعرتُ حرارة أنفاسي اللاهثةِ عندما توقفتُ و انحنيتُ لأرتاح قليلا بينما لا تفصلني عن البوابة سوى خطواتٍ صغيرة كانت كافية لتسرّب ضجيج الداخل إلى أذنيّ.
" يا إلهي! لم أتوقع أن كلّ هؤلاء مهتمون بالرسم"
أخذتُ نفساً عميقا ثم استقمتُ مجددا لأُفاجأَ بتسمّر شخصٍ أمامي يناظرني بعينيه الناعستين اللتان تقدحانِ شرراً بينما يُكتّف ذراعيه أمام صدره.
أنت تقرأ
مقهى السعادة(مكتملة)
Fanfiction✨أُراقبُ خلفَ البابِ شروقَ ابتسامتك و تغيبُ عنيّ مِن كُثر الشوقِ أحاسيسي يتدَلى الليلُ في جبروتهِ باهتاً و يُطفئُ الإنتظارُ فوانيسي✨ " يمنع الإقتباس أو السرقة "