" أخبرتكِ أنني بخيرٍ يا أمي! "
" ستعودُ إلى البلد أ تسمعُني! ستعود! "
تنهّدتُ بيأسٍ حينما اشتدّت نبرتها و بدت أقرب للنحيب، ربما لم يكن عليّ مصارحتهم بأمر مرضي،خصوصاً و أنني مغتربٌ و بعيدٌ عنهم.
مررتُ الهاتف إلى جون الجالس قربي على الأريكة في غرفة المعيشة بطلبٍ من أمّي، كنتُ أعلمُ تماما ما كانت ستطلبه منه، لطالما فعلت ذلك، هي تثق به و تأتمنهُ عليّ بل تظنهُ أحياناً والدي المُتبنّي.
ألقيتُ جسدي على الأريكة بتعب بينما يتحدّثان، كان جون يؤكّد لها أنه سيهتمّ بي جيّدا و سيرافقني في فترة العلاج، في الواقع كنتُ أنا من هددتهُ بقول ذلك الكلام،لا وجود لأي علاج، أنا فقط سأموت بعد سنواتٍ قليلة لا أعلمُ عددها أصلا.
حينما أقفل الخطّ رمقني بنظراتٍ مُشفقة، كنت أعلم ما كان بصدد قوله، لذلك استقمتُ مباشرة متّجها صوب غرفتي لأتحاشى ذلك النقاش العقيم الذي برزت أولى ملامحه.
" لن أعود يا جون، سأموت هنا بمفردي، لن أجعلهم يكابدون الألم رفقتي هناك...هذا كلّ ما عندي "
كان صوتُ تنهّده المثقل آخر ما سمعتهُ قبل أن ألج الغرفة و أغلق البابَ خلفي. لم أذهب للكلية هذا الصباح، كنتُ لا أزالُ مرتبكاً و لم أرغب بأن يلاحظ أحدٌ ذلك عليّ.
جلستُ على مكتبي الفوضوي مُكتظّاً بالأفكار المتداخلة، و لرغبتي في تصفية ذهني قمتُ بإلتقاط ورقةٍ بيضاء،بدأتُ برسمِ خطوطٍ و دوائر عشوائية مستعيناً فقط بقلم الرصاص الجاف
لم تكن تلك الخربشاتُ سوى إسقاطاتٍ مشوّهة لِما يدور ببالي، كان ذلك ما ظننتهُ في بادئ الأمر، لكنّها و بطريقةٍ ما استحالت إلى أعيُن! ارتجفت أناملي و وقع منّي القلمُ تزامناً مع تفجّر النبضاتِ بقلبي، هل قمتُ للتوّ برسمِ أعينِ تلك الفتاة؟ انتفضتُ من سؤالي الشخصي لأستقيم و أتلفّت في كلّ الأرجاءِ كالأبله.
مددتُ يداي مجددا و قمتُ برفع الورقة أمام وجهي ثمّ لم ألبث أن غرقتُ في التمعّن بها،في ذلك الوقت، كان الشعور الغريبُ يتركّزُ في عروقي أكثر فأكثر!
لم يحرّرني من تلك اللعنة الجميلة سوى صوتُ طرقِ جون على الباب مُستأذناً للدخول، أذِنتُ له بعد أن دسست الورقة على عجلةٍ تحت كومة أوراق أخرى.
"هل أنتَ بخير؟"
" جون عزيزي، ستُهري خلايا مخّي بكثرة إعادتكَ لهذا السؤال من الآن فصاعداً أ ليس كذلك؟ "

أنت تقرأ
مقهى السعادة(مكتملة)
Fanficأُراقبُ خلفَ البابِ شروقَ ابتسامتك و تغيبُ عنيّ مِن كُثر الشوقِ أحاسيسي يتدَلى الليلُ في جبروتهِ باهتاً و يُطفئُ الإنتظارُ فوانيسي " يمنع الإقتباس أو السرقة "