[8]

900 125 10
                                    


" يا رياحَ الصباحِ شُدّي أضلُعي
تميلُ تحتي الطُرقات
و يا غيومَ الفرح لا تدمعي
فأنا فارغٌ جدا
كوعاءِ ذكريات
مقبلٌ على حربٍ
أو ربما حبّ!
لستُ أعي
ثقيلُ المشاعرِ
لكن خفيفٌ كنسمة
ربما... سلاحي ليس معي "

تجمّدت عقاربُ الساعات، بل ما عادت عقاربًا حتّى،أضحت في قطعةِ زمنٍ جامدة حفنةَ فراشات،على حسيسِ رفرفةِ أجنحتها أُعلنت الإنفجارات، أشلاءٌ ملوّنة تناثرت، مشاعرٌ داكنةٌ أُُجهضت و أخرى فاتحة، دافئة، بين أنقاضِ النورِ تفتّحت....

" لقد نفذَ منّي الوردي"

ألقى بتعويذتهِ المفاجئة ليعودَ بكليهما على متن مركبةِ السفر عبر النظرات من ذلك الزمن إلى هذا الزمن، كانت شامخةً أمامهُ كلوحة، مُنصهرةً كلَون، صامتةً كغيمة، ثائرةً كزوبعة! لم تتراجع هذه المرة، لم تنسحب، رغبت بشدة أن تتعلّق بأثواب تلك اللحظة و تعيق تقدّمها و تحوّلها إلى ماضٍ قريب

لم تلبث ابتسامتهُ الساخرةُ أن بدأت في الإضمحلال تزامناً مع ولادة شيء ما في عينيها، شيء أغراهُ بشدة، خفقان غريب اجتاح قلبه، عينيها، راح ينزل الفرشاةَ تدريجيا و قد اكتسب بدل الزهري أحمراً فاقعاً لطّخ أذنيه ثم راح يبتغي وجنتيه....

لم يستطع التحرر من كمينِ نظراتها، بشكلٍ مخيف، كان مأسورًا، بكل ما تحملهُ الكلمة من عجز،لكنهُ كانَ عجزًا جميلاً... ساحرا للغاية!

لم يعلم و هو يحرّر جملتهُ أخيراً أنّى له القدرة على ذلك، كيف اختار الكلمات و كيف رتّبها!

ترك الفرشاةَ جانباً ثم نزع لباسهُ الخاص و أسرعَ الخطى نحو البابِ و قد تسارعت أنفاسه و استعرت النيرانُ بكامل وجهه و جسده، لم تبارح هي مكانها، ظلّت على تلك الشاكلة و قد نالت نصيبها من الحرائق أيضا

" سأذهب للبحث عن اللّون"

قالَها مُنخطِف اللون لحظتها لترد:

" أحضر معكَ مطفأةَ حرائق أيضا"

ردّت لكن... في قلبها فقط....

********

توسطت شمسُ أول فبراير كبد السماء محررة هالاتٍ بالكاد دافئة. في الداخل، كان كيفن و بيسان يكملان المهام الموكّلة إليهما بجدية تامة، وجدا بذلك نقطةً أخرى يشتركان بها ألا و هي حزمهُما و دقتهما في كل ما يتعلّق بالمهام و الأعمال إضافةً إلى نزعتهما الإتقانية

تركَ الإثنان ما بيديهما عندما نالَ منهما التعب و لجئا إلى إحدى الطاولات.لم تمضِ سوى ربع ساعة بعدها ليدخل پيكاسو حاملاً كيساً صغيراً بين يديه، ابتسم بتوتر و هو ينظر إليهما قبل أن يثير انتباهه شيء ما، ايمي... لم تكن بالجوار!

مقهى السعادة(مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن