سأصعدُ إلى المنزل، لن أزعجكَ أكثر... "
كبحَت ايمي أقدامها أمام واجهة المقهى، لم تلتفت لتقابل وجههُ حتّى لكنّها كانت واثقةً أنه لا مسافةَ تفصلهما و الدليلُ على ذلك نبضاتها التي لا تزالُ ثائرة بقوة، كرِهَت الأمر و تمنّت لأول مرة لو أنها تخمد و تنطفئ حتّى تكفّ عن تذكيرها بمشاعرِ الخيبة و الغباءِ اللذانِ يتفنّنانِ في جلدِ ذاتها حاليا
تلك الأحاسيسُ الثقيلةُ لم تكُن كلّ ما جعلها تتوقّفُ هناك، ربما كانت ترتجي أن يطلب منها البقاء،أن يخبرها ربّما أنه لم يقصد ما قاله... لكنهُ لم يقل شيئاً، ابتلعتهُ زوبعةٌ من الصمتِ كانت تصوّب نحوَ ظهرهاَ شظايا حادّة و باردة، تألّمت و على إثرِ ذلك ابتسمت، بسخرية، ثم... أكملت الخطى.
دسّت المفتاحَ في القفل ثم أدارت المقبض، علّقت سترتها خلف البابِ و انحنت كي تخلع حذائها لتهمّ بعدها بوضعه في الخزانة الصغيرة المخصصة للأحذية قبل أن تلاحظ فجأة كم هو ملوّث،ناظرتهُ بعيونٍ برّاقة،ثم قامت بركنه جانباً ببرود كأنه لم يكن يوماً حذائها المفضل.
لم تشعر إلا لحظتها بشيء لزجٍ في قبضة يدها اليسرى، حين قامت بفتحها وجدت رباط شعرها الملوث بالطين،أسرعت إلى الحمام و قامت بفتح الحنفية ثم وضعت كلتا يديها تحتها و همّت بتنظيفه بخشونة، ثم بهستيريا لدرجة أنها خدشت باطن يدها اليسرى بأظافرها و أخذت قطراتُ الدماء المتتابعة تنزلق على الحوض الأملس الناصع و هي تبدو أشبهَ بلآلئ مبعثرة لعقدٍ ممزق.
رمت الرباط أرضاً ثم راحت تغسلُ وجهها عوضاً عنه، حين رفعت رأسها إلى المرآة وجدت الخصلات المبللة لشعرها ملتصقة به، و تحتها ملامحها المطموسة. أخذت نفسا عميقاً ثم التقطت رباطاً آخر من إحدى العلب الموضوعة على الرفّ بجانب المرآة و قامت بربط شعرها خلف رقبتها.
بعد قيامها بجولات متكررة في المنزل، أدركت ايمي أنه كان بالفعل نظيفاً و مرتّبا للغاية،لم تترك لها والدتها شيئا لتفعله كالعادة، و للمرة الأولى أزعجها الأمر! كانت تودّ شَغل نفسها بشيء ما و حين لم تجد، قررت صنع القليل من الحلويات، كانت الثلاجة تحوي كلّ ما تحتاجه بالفعل.
مرّت ساعة و اثنتان، دون أن تنتبه للوقت، كانت الشابّةُ منهمكةً في عملها،خدّاها مبودرانِ بالدقيق الأبيض و شفاهها دبقةً بالكراميل الذي كانت تعود لتتذوق منهُ كلّ حين. كانت تنقل أصابعها بخفة بين الصحن الذي تخلط فيه، الفرن و الثلاجة، كأنها تعملُ على طلبيةٍ عاجلة لزبونٍ مميّز.
في لحظةٍ ما، و بينما كانت تهمّ بإلتقاط ملعقة صغيرة أوقعت كأساً زجاجيا، ارتعد جسدها بقوة على إثر صوت انكساره و تجمدت مكانها، كان ذلك الحادث كفيلا بكسر الريثم الفوضوي الذي كانت تحاول جاهدة خلقه، و جعلها كذلك تنتبهُ إلى كمّ الحلويات التي كانت قد صنعتها دون أن تشعر
أنت تقرأ
مقهى السعادة(مكتملة)
Fanfiction✨أُراقبُ خلفَ البابِ شروقَ ابتسامتك و تغيبُ عنيّ مِن كُثر الشوقِ أحاسيسي يتدَلى الليلُ في جبروتهِ باهتاً و يُطفئُ الإنتظارُ فوانيسي✨ " يمنع الإقتباس أو السرقة "