غادر جميع رجال القرية أرض المقبرة وعاد ما واحد منهم لاستكمال عمله، ولم ينتبه أحد منهم إلى الطفل عندما سقط على وجهه فاقداً الوعي متأثرا بخسارته الفادحة… وحدها تلك اليد الممتلئة بعروق كثيرة هي من امتدت نحو جسده الممدد فوق الأرض، ثم حملته وسارت به بعيدا…
* * *
صعدت تاج إلى عربتها الخشبية بينما حفيدها نائما بين يديها:
– خذنا إلى القلعة – أعطت أمرا لسابحصعب الحصان الأبيض بصوت عالٍ ثم انطلق يلاحق الريح وراءه عواصف من الغبار لا تنتهي
– سنهتم بهذا الولد لبعض الوقت يا إكليل – قالت تاج لطائرها الذي كان يحلق قريبا من العربة – سنهتم به إلى أن يصبح قوياً… فهو لا يمكنه مواصلة الحياة من غير مساعدتنا!!
أطلق إكليل زئيرا عاليا فقالت تاج:
– كنت أعرف أنك ستقول ذلك !!وهكذا أخذته إلى القلعة صعدت به للطابق الثاني حيث غرفتها نزعت عنه ثيابه قطعة قطعة حتى أصبح عاريا أمامها… مددته فوق سريرها الواسع، وجعلت تتأمل ملامحه الحادة والناعمة والقريبة جدا من ملامح وجه أمه… وحين فرغت من تأملاتها قالت تكلم إكليل الذي كان يقف على إفريز النافذة:
– لولا تلك الدودة التي بين فخذيه لاعتقدت أنه فتاة!!
– إنه يشبه والدته كثيرا يا سيدتي – قال إكليل
أثار ذلك الحديث أشجان تاج، فقالت بصوت حزين:
– الحمقاء لم تستمع إلى نصيحتي – ثم أضافت بخيبة أمل: كنت أعرف أن هذا ما سيحدث لها لو أنها فتشت رواء الحقيقةلم يكن إكليل يعرف مالذي يدور داخل عقل سيدته في تلك اللحظة لم يكن يعرف ماهي الخطوة القادمة التي تخطط لها هل هي تفكر بالانتقام من الأشخاص الذين قتلو ابنتها، أم أن لديها خطة أخرى:
– مالذي تخططين لفعله سيدتي؟!
تنهدت تاج بصوت مرتفع يبدو أنها هي نفسها لا تعرف :
– سأعد له بعضا من سائل النسيان أولاً، يجب أن ينسى هذا الولد ولو مؤقتا كل الأحداث التي مر بها..
– قرار صائب – أيدها إكليل الذي يعرف حاجة الطفل للنسيان خصوصا هذه الفترة
– من الجيد أنك توافقين على هذا القرار
– لم أكن سأوافق لو انك قررتِ محو ذاكرته إلى الأبدامتدت بينهما لحظات من الصمت شعر فيها إكليل بأن هناك كلاما آخر تخبئه تاج، ولكنها لا تعرف كيف تقوله… هو الذي عاش معها طيلة حياته من أن كان فرحا صغيرا برتقالي اللون وحتى اليوم، لن يصعب عليه قراءة التردد الواضح على ملامح وجهها:
– أشعر بأن هناك أمرا ما تريد سيدتي قوله!!
أخذت تاج نفسا عميقا ثم قالت:
– هذا الولد مهدد بالخطر كما تعلم…
– سنقوم بحمايته – قاطعها بأدب – سنكون في ظهره دائما
– لا تدع منظره الضعيف هذا يخدعك ربما يوحي لك شكله الآن بأنه في حاجة للمساعدة ولكنه سيكبر غداً وحينها لن تعجبه فكرة بقائنا الدائم معه
– مالذي تفكر سيدتي به؟!
– أفكر برماد العنقاء – قالت بحزم – أريده أن يكون قويا جدا
أنت تقرأ
ابابيل
Fantasy#بقلم احمد آل حمدان وفي يوم رحل زوجها، فقالت: وأنا ماذا أفعل عندما أشتاق إليك؟!، لم يُجبها زوجها "بحر" عن سؤالها، و اتجه نحو الباب مغادرًا، أدار قبضة الباب، و أجال النظر في دروب قرية "الجساسة" المتشابكة، ثم قال قبل أن ينصرف: غني لي يا جومانا، غني و...