في أحد أيام الجمعة وبعد منتصف الليل بقليل وبينما المطر لا يزال منهمراً في الخارج بقوة، قال الحكيم بنبرة آسفة كما لو أنه يعتذر نيابة عن القدر للطفل الذي كان يحدث به منتظراً نتيجة الفحص:
– لقد ماتت!!
أما الطفل الذي لم يدرك معنى الموت فإنه ردد ببراءة:
– ماتت؟!
– لقد فارقت والدتك الحياة منذ البارحة أيها الصغير…
لفرط ما كان يحب والدته فإنه لم يتخيل حتى في أكثر كوابيسه رعبا أنه قد يفقدها يوماً، لذلك لم يستوعب ما قاله الحكيم وذهب في الاعتقاد إلى أن والدته ربما تكون مصابة بمرض أسمه «الموت » فغادر الغرفة لبعض الوقت، وحين عاد كان يحمل بين يديه بعض النقود المعدنية:
– خذ – قال وهو يمدها نحو الحكيم – إنها جميع ما نملك من مال
بدهشة سأل الحكيم :
– ومالذي تريد مني أن أفعل بكل هذا المال؟!
– اشفِها – همس متوسلا – اشفِها من الموت.شعر الحكيم بأنه ما كان يحب عليه أن يوافق على القدوم مع ذلك الصغير منذ البداية، وفكر في أن ينسحب عائداً إلى منزله، غير أنه لن يفعل قبل أن يكشف عن السر الخطير الذي اكتشفه…
– أين أبوك؟!… أليس لديكم رجل كبير يهتم يأمركم هنا؟!
– سيقودك إليه أيوب
– هل ستتركني أذهب وحدي مع ذلك الشخص المخيف ؟!
– لا أستطيع مغادرة البيت فربما استيقظت امي واحتاجت مساعدتيكاد أن يصرخ في وجهه قائلاً بأن والدته لن تستيقظ مجددا، كان يريد أن يشرح له علميا معنى الموت غير أنه فضل أن لا يكون هو الشخص الذي يوقظ الصبي من أحلامي…
أما أيوب الذي لم يكن يعلم بعد عن المصيبة التي حدثت بالداخل فإنه ما أن شاهر باب البيت يُفتح، حتى هرول نحو الحكيم:
– هل سارت الأمور على ما يرام، هل أصبحت جومانا بخير؟!
– ولكنه أخبرني بأنها…
– ذلك الصغير لا يعرف شيئا – قاطعه الحكيم بنفاذ صبر ثم أضاف:
– إنه أبله يظن بأن قلب والدته قرر أخذ قسطٍ من الراحة، وأنه قد يعاود النبض مجدداً في أي لحظة
سأل والفاجعة تتسلق متن حباله الصوتية:
– وماذا يجب علينا أن نفعل؟!
– يجب أن تسارعو في الدفن ولكن قبل ذلك أريد مقابلة زوجها
لم يشعر بالاطمئنان من طلب الحكيم فقال متسائلا:
– تريد مقابلة بحر؟!!
حرك الحكيم رأسه وأوضح:
– هناك شئ يجب أن يعرفه زوجها
– شئ – تساءل بحيرة بالغة – مثل ماذا؟!
– لا أستطيع أخبارك إنها أخلاقيات المهنة كما تعلم
– فهمت – قال أيوب، وهو يسير – حسنا تعال آخذك إليه
– هل سنقطع مسافة طويلة تحت هذا المطر مجددا ؟!
– نعم فنحن لن نصل إليه قبل شروق الشمس…
– في هذه الحالة أستطيع التنازل عن أخلاقياتي – قال الحكيم، وأضاف: سأخبرك عن السر بشرط أن تنقله لزوجها لاحقا!!
أنت تقرأ
ابابيل
Fantasy#بقلم احمد آل حمدان وفي يوم رحل زوجها، فقالت: وأنا ماذا أفعل عندما أشتاق إليك؟!، لم يُجبها زوجها "بحر" عن سؤالها، و اتجه نحو الباب مغادرًا، أدار قبضة الباب، و أجال النظر في دروب قرية "الجساسة" المتشابكة، ثم قال قبل أن ينصرف: غني لي يا جومانا، غني و...