P.3

106 12 4
                                        

رن الجرس لإعلان بدء الحصه الاولي .... دخل الطلاب الي فصولهم ....
جلس جميع الطلاب في أماكنهم و دخل الاستاذ  و قال بنظره تمعن : سفيان غايب و ولا اي؟ ....
زين : لا دة راح الكافيتيريا ... دلوقتي هيجي ...
الاستاذ بحزم : تمام شيلوا الكتب ... عندكم امتحان مفاجئ ...
وما إن أنهى الأستاذ جملته حتى عمّ الصمت أرجاء الفصل ... لتتجمد ملامح الجميع من وقع الصدمة ... لم يصدق أحد أنهم في اليوم الثاني فقط من الدراسة .... ويواجهون امتحانًا مفاجئًا ....
أولجان وهو يضرب كفًا بكف مذهولًا : إييييه! هو إحنا لحقنا؟! ....
زين وهو يرفع يده باعتراض واضح : يعني إيه امتحان يا أستاذ دلوقتي؟! ... إحنا تاني يوم في المدرسة! .... حضرتك مش قلت اول كام يوم هنبدأ مراجعة بسيطة؟ ....
الأستاذ بنظرة صارمة : اللي عندي قولته يا زين … يلا جهز نفسك ....
زين وهو يزفر بضيق ثم يلتفت لتالين محاولًا استرضاءها بابتسامة ماكره : تالين … أنا أخوكي اللي بتحبيه وبيدلعك … ممكن تديني أي حاجة من ورقتك؟ ....
تالين وهي تضحك بخبث :  ما أنا قلتلك امبارح روح ذاكر ... وإنت فضّلت تلعب بلاي ستيشن … خلاص يا حبيبي ... شوف نتايج أفعالك ...
إسلام وقد وضع يده على رأسه بارتباك : يا نهار أبيض … أنا حتى مش فاكر المادة اسمها إيه! ... أعمل إيه دلوقتي؟ ....
الأستاذ وقد رفع عينيه إليه بحدة : في حاجة يا إسلام؟ ...
إسلام وهو يبتسم ابتسامة سخريه : لأ يا أستاذ … مفيش … هنسقط بس ...
سرت همهمات بين الصفوف ... كل منهم يتبادل نظرات الارتباك والشكوى ... بينما بدأ الأستاذ بتوزيع أوراق الامتحان ... متجولًا بين المقاعد ... جلس أخيرًا خلف مكتبه ... يراقبهم في صمت ... تاركًا لهم مواجهة هذا الكابوس المبكر ....

و في نفس اللحظات ... في مكان آخر فالمدرسة ...
رن الجرس معلنًا بداية الحصة الأولى ...وصدى صوته انتشر في أروقة المدرسة .... بينما كانت جميلة وأمين لا يزالان في مكتب المدير يحاولان إنهاء بعض الأوراق ...
جلست جميلة على طرف المكتب ... وهي تنظر للساعة بقلق و قالت :  يا أمين ... مقربناش نخلص؟ ... الجرس رن والحصة بدأت ...
أمين وهو يرتب بعض الأوراق : ما تقلقيش ... خلصنا تقريبا ... بس عايز أتأكد إن كل حاجة تمام ...
ابتسم المدير بهدوء وقال لهما : الحقيقة كده .... النهاردة مش هتقدروا تحضروا الحصة الاولي .... لان الحصه الاولي دي فيها امتحان ... و  الامتحان مرتبط بالحاجات اللي اتشرحت امبارح ... وانتو مكانتوش موجودين ... ف بالتالي مش هتعرفوا تحلوا فيه ...
جميلة بقلق : طب ازاي هنعرف اللي اتاخد امبارح دلوقتي؟ ...
المدير بابتسامة مطمئنة : ما تقلقيش ... خليت الأستاذ  يجهز لكم نسخة من اللي اتشرح عشان تبقوا ماشين مع زمايلكم وما تفوتوش حاجة ...
تنهدت جميلة براحه وأومأت برأسها ...
فقال المدير بعد لحظة : بما إنكم مش هتحضروا الحصة ...  تعالوا أخدكم جولة سريعة في المدرسة ... تعرفوا الأماكن المهمة وكل حاجة ...
في تلك اللحظة رن الهاتف على مكتب المدير ... فأجاب بسرعة : حاضر ... خلاص ....
نظر اليهم و قال : لو خلصتوا الورق تقدروا تروحوا انتو عقبال ما أخلص ...
ابتسمت جميلة وأمسكت بأوراقها ... ثم بدأت تمشي بجوار أمين في أروقة المدرسة ... وهي تشعر ببعض القلق والترقب ... كانت عيونها تبحث و تستكشف كل الأماكن ....
اما أمين مشي بخطوات هادئة في أرجاء المدرسة ...  يستكشف الزوايا ويطل على الممرات ... وكأن فضوله يدفعه لاكتشاف كل ركن جديد حوله ...
وأثناء تجوال جميله ... لمحت بابًا مفتوحًا جزئيًا ... فتقدمت بفضول ... لتجد نفسها بالصدفة أمام غرفة الرسم ... الألوان متناثرة على الطاولات ... وفرش الرسم موضوعة بعناية ... وكأن المكان ينتظر من يدخل ليكتشفه ... لم تكن جميلة قد خططت لدخول هذه الغرفة ... لكن و كأن شيء دفعها لاستكشاف هذه الغرفه ... لم تعرف أن هذه الغرفة الصغيرة ستفتح أمامها طريقًا جديدًا لم تتخيله من قبل ...
هناك، جلسَت جميلة عند إحدى الطاولات ... منحنية فوق الورقة التي أمامها ... يدها تتحرك بخفة بالقلم كأنها ترسم عالمًا خاصًا بها ...
و في اللحظه ... خرج سفيان من الكافيتيريا ممسكًا كوب قهوته ... يتجه بخطوات هادئة نحو الممر ... مرّ بجانب غرفة الرسم دون أن يلقي بالًا .... لكنه فجأة توقّف ... وكأن شيئًا خفيًا جذبه نحو الغرفه .... تراجع بخطوات بطيئة وعاد ليقف أمام الباب ... عيناه تتفحّصان ما يجري بالداخل ... بدأت عينا سفيان تتأمل ملامح جميلة في صمتٍ .... خصلات شعرها البني الفاتح المتداخل مع الذهبي انسدلت على جانب وجهها ... وعيناها العسليتان غارقتان في تركيز شديد .... بشرتها المائلة للبياض أضاءتها أشعة الشمس المتسللة من النافذة فأبرزت ملامحها الهادئة .... كان المشهد بالنسبة له لوحة مرسومة بعناية .... لكنها هذه المرة من صنع الطبيعة ...
سفيان و هو يشرب من كوب القهوة بابتسامة خفيفة : واضح إنك أول ما دخلتي المدرسة .... خطفتي أوضة الرسم ليكي لوحدك ...
انتفضت جميلة قليلًا عند سماع صوته ... ورفعت رأسها ببطء ... وقعت عيناها عليه ... نظرت الي تفاصيل وجهه بتمعن ...  عينان بنيتان عميقتان تحملان نظرة واثقة ... وشعر بني قصير ينسدل قليلًا على جبهته بطريقة عفوية لكنها أنيقة ... كان أطول منها ببضع سنتيمترات ... وهيبته تقف واضحة رغم هدوء ملامحه ... ومع ضوء الممر المنعكس على بشرته ... التي تقارب درجه بشرتها ... بدا في عينيها كشخص يصعب تجاهله ...
وضعت جميله عينيها فالورقه مره اخري و قالت : لقيتها فاضية … دخلت ... هو في مشكلة؟ ...
سفيان يتقدم خطوتين للداخل ... نبرته ما بين المزاح والجد : المشكلة إنك بتتصرفي كأن المكان ملكك ...
جميلة بهدوء تام و لم ترفع عينيها عن الورقه : وأنت بتتصرف كأني محتاجة إذنك ...
سفيان  بابتسامة خفيفة : واضح إنك مش هتسيبي المكان ده بسهولة ...
تأففت جميله و رفعت عينيها علي سفيان و قالت : لو انت مبتعملش حاجة هنا غير انك تضايقني ... ممكن تتفضل لاني مش عارفه اركز ...
ساد صمت قصير .... ابتسم سفيان ابتسامة جانبية بدون رد ... و تحرك من أمامها تاركا خلفه أثر من الغموض ....
وضعت جميلة القلم بتأفف ... وقد أضاف هذا اللقاء غير المتوقع توترًا فوق توترها ... لكنها أخذت نفسًا عميقًا محاولة أن تهدّئ نفسها وتستعيد تركيزها ....

قصة حياتنا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن