P.19

61 7 4
                                    

و بعد فترة ليست بطويلة ... خرج الدكتور من الغرفة بحزن و قال لاسلام و عائلته و سيرين واقفة في مكان تسمعهم منه جيدا : للأسف احنا فقدنا المريضة ...
نزلت تلك الجملة عليهم كالصاعقة .. لم يتوقع احد منهم حدوث هذا الشيء بتلك السرعة ... كانت الصدمة فقط حليفة تلك اللحظة ... ثواني و لم تستطيع سيرين تقبل تلك الجملة و وقعت مغشيا عليها ... ثواني و اجتمع عليها الممرضات بقلق و قاموا بنقلها الي غرفة عادية و اعطوها حقنة مهدئة ...
اما اسلام فكان كالمغيب كان في عالم آخر ... لا يسمع شيء سوي تلك الجملة فقط ...
اسلام بانكار و غضب : انت بتقول ايه ... مين دي اللي ماتت ... ها .. مين دي اللي ماتت ... ثواني و نظر الي والدته التي بدأت في البكاء و هو الدموع تنهمر من عينيه : هو بيقول ايه ... اللي بيقوله دة صح ...
ثواني و أتت اليه والدته و هي تبكي و جلست علي الارض بجواره و أخذته فاحضانها و هو مازال يبكي و في صدمته ثواني و اتي والده و جلس علي الكرسي بجواره و وضع يده علي كتفه ...
الاب بتشجيع : اسلام .. خليك قوي يا حبيبي .. انا متاكد انك هتعدي من الازمة دي ... و هي .. هي هتبقي فرحانه بيك ... هي عارفة كويس انك قوي ..
ثواني و خرج الممرضين بسريرها واضعين الملايه البيضاء علي وجهها ...
اسلام بحزن و بكاء : استنوا ..
وقف الممرضين و نظروا اليه بحزن و هو يقوم من مكانه و يتجه الي سريرها بحزن و دموعه مازالت تنهمر ...
ثواني و رفع الملايه البيضاء من علي وجهها ... نظر لها بحزن كبير و هو يمسح علي وجهها ... ثواني و قبل رأسها ببطئ و وضع الملايه مرة اخري علي وجهها ثواني و اخذ الممرضين السرير و هو لا يريد تركه ... تحرك الممرضين بالسرير لينقوله الي عربة الموتي لتتجه الي المقابر .... اما في غرفة سيرين فكان مفعول الحقنة المهدئة علي وشك الانتهاء ثواني و استيقظت سيرين و هي تحاول تذكر ما حدث ... و في تلك اللحظة مر أمامها الممرضين بسرير والدتها ... و بمجرد ما رأته تذكرت ما حدث ثواني و قامت من مكانها بسرعة و قالت بصوت عالي و دموع علي وشك الهبوط : استنوا ...
بعد كلمتها تلك وقف الممرضين مكانهم و نظروا خلفهم ... ثواني و بدأت سيرين تتوجه نحو السرير ببطء و هي تدعو الله أن وفاة امها و مرضها كام مجرد كابوس ... مجرد كابوس سيء و ان أمها بخير ... ثواني و وصلت سيرين أمام السرير و رفعت الملايه و هي ان تتوقع أن تري وجه اي شخص آخر غير والدتها ... و لكن من يهرب من الواقع ... كانت والدتها بالطبع ثواني و انهارت سيرين في مكانها و نزلت علي الارض حتي تكون أمام وجه والدتها و هي تبكي بقهرة و تقبل يد والدتها و تحتضنها بشدة : ماما ... ماما ارجوكي قومي و كلميني ... ماما متسبينيش لوحدي ... انا مش هقدر اعيش من غيرك ... مش هعرف أواجه العالم دة كله من غيرك ... مامااااا .... ماماااااا ....
ثواني و غطأ الممرضين وجهها مرة اخري و تحركوا بالسرير للخارج اما سيرين كانت في عالم آخر ... بمجرد خروجهم ظلت و هي علي الارض تبكي بشدة و قهرة ....
ثواني و هي جالسة علي الارض اقترب منها والد و والدة اسلام ...
والده اسلام بحزن : سيرين يا حبيتي ... انتي كنتي فين احنا من ساعة ما كنا في المستشفي هنا بندور عليكي ... و قولنا للعاملة اللي في البيت انك لو اتصلتي تقولك أن احنا هنا ...
سيرين بحزن و بكاء : انا فعلا اتصلت بيها ... و قالت إن ماما في المستشفي ... و انا هنا من ساعة ما انتو وصلتوا تقريبا و عرفت اللي حصل ... قالت جملتها الأخيرة و انهارت من البكاء ... ثواني و جلست بجانبها والدة اسلام و اخذتها الي احضانها بحزن كبير عليها ... اما سيرين ف كانت في حاجة كبيرة لذلك و تمسكت بها و ظلت تبكي في احضانها ... لان سيرين تعرف والدة اسلام منذ الصغر و تعتبرها والدتها الثانية ... كما كان يعتبر اسلام ديلا والدته الثانية ... لان ديلا كانت تأخذ سيرين معها الي منزل اسلام و هي صغيرة لانها بالطبع لن تتركها بمفردها ...
والد اسلام بحزن : يلا يا سيرين يا حبيبتي .. يلا عشان نروح ندفنها ... يلا اسلام زمانوا مستنينا هناك ...
سيرين و تقوم من احضان والدة اسلام بمجرد أن سمعت ان اسلام هناك و قالت : ايوة هنروح يلا ... بس ممكن تروحوا انتو الاول انا بس ورايا حاجة هعملها و هاخد تاكسي و اجي وراكوا علي طول ...
والدة اسلام : ماشي يا حبيتي احنا هنستناكي هناك ...
اومئت سيرين براسها و اتجهت الي حمام المستشفي ... هي قامت بهذا لانها لا تريد أن يعرف اسلام أن هي ابنه ديلا ... و لا تريد أن يراها ... غسلت سيرين وجهها و خرجت الي خارج المستشفي لتجد أن سيارة والد و والدة اسلام قد تحركت ... اطمئنت كثيرا و اخذت تاكسي و اتجهت خلفهم ....
اما علي الناحية الاخري في المقابر كان قد وصل والد و والدة اسلام و كان اسلام و أصدقائه هناك بالفعل ... ثواني و وصلت إليهم سيرين و لكنها وقفت من بعيد حتي لا يراها اسلام او احد من أصدقائه ... و كانت تدفُن ديلا أمام أعين اسلام الذي يحاول التماسك و سيرين التي كانت بالفعل منهارة تماما و هي تراهم من بعيد ... ثواني و انتهت الدفنة و رحل الجميع ... اما اسلام فكان يرحل و هو ما زال لا يصدق انه سيعود الي المنزل و لن يجد ديلا امامه ... او لن تكون قلقه اذا اكل او شرب ... ثواني و ركب سيارته و الدموع تنهمر من عينيه و رحل ... اما سيرين بعد رحيلهم اتجهت ناحية قبر والدتها و جلست أمامه علي الارض و هي تبكي بشدة ...
سيرين ببكاء و حزن : علي فكرة انا زعلانة منك ... عشان انتي قولتي انك مش هتسيبيني ... و دلوقتي بتسيبني لوحدي و تمشي ... علي الرغم انك عارفة ان مليش غيرك ... ممكن تقوليلي هعمل ايه انا دلوقتي ... هقف قدام العالم و أواجه زي ما انتي كنتي بتعملي ...
من بعد ما بابا سابنا و مشي و رفض العيشة بتاعتنا و انا مليش غيرك انتي ... انتي اللي متخلتيش عني و لا سبتيني زي ما هو سابني و اتضايقتي من العيشة بتاعتنا ... بعد جملتها تلك انهارت من البكاء مرة اخري ... ثواني و وجدتها والدة زين التي لم تكن رحلت كما انها لم تراها في الدفنة .... والدة اسلام و هي تتجه نحوها : سيرين يا حبيتي انتي كنتي فين ... انا كنت بدور عليكي طول الدفنة ...
سيرين و هي تمسح دموعها و تحاول أن تجد كذبه : اصل ... اصل ... اصل الطريق كان واقف عشان كده اتاخرت ...
والدة اسلام : ماشي يا حبيتي ... يلا بقي عشان تروحي معانا ...
سيرين باستغراب : اروح فين ...
والدة اسلام : تروحي معانا البيت ... انا مستحيل اسيبك تعيشي لوحدك ... غير أن البيت واسع و ماماتك نفسها كان ليها أوضة ... و احنا هنعاملك زي اسلام بالظبط ... و هتبقي في مكانة ماماتك عندنا بالظبط ...
سيرين برفض و هي تقوم من مكانها : انا اسفة بس انا هروح بيتي ... بيتي دة اللي اتربت فيه عمري كله و فيه كل ذكرياتي مع ماما ... انا مستحيل اسيبه عشان هي سابتني ... دي هتبقي آخر ذكري باقيه منها ليا ...
والدة اسلام : علي راحتك يا حبيتي ... عمتا بيتنا مفتوح ليكي طول الوقت ... لو حابة تيجي في اي وقت احنا في استقبالك ... ممكن تيجي معايا علي الاقل اوصلك لبيتك ...
اومئت سيرين براسها و اتجهت معاها الي سيارة والد زين الذي كان ينتظرهم في الخارج ... ركبت سيرين السيارة و اتجهت معاهم ناحية منزلها و هي شبه مغيبة أو في عالم آخر ... و بعد فترة و كان قد حل الليل وصلت سيرين الي منزلها و كان منزل بسيط للغاية و اقل من البسيط أيضا و كان في حي صغير من الأحياء ... دخلت سيرين الي منزلها بعد ان ودعت اهل اسلام و انطلقوا الي منزلهم ... دخلت سيرين المنزل و هي تنظر في ارجائه و تتذكر ذكريتها مع والدتها منذ أن كانت صغيرة الي أن كبرت ... ثواني و نظرت علي الحائط الي صورة امها ... ثواني و اقتربت من الصورة و اخذتها الي احضانها و جلست علي الكنبة و هي تبكي بقهرة ... ثواني و غطت في نوم عميق ....
_______________________________________

قصة حياتنا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن