كانت تالين تضغط على هاتفها، تتصل بجميلة، وصوتها يرتجف حين سمعتها ترد ...
جميلة بابتسامة لم تعلم ما ينتظرها : ألو ...
تالين بسرعة، تكاد تصرخ : جميلة، خدي بالك! سفيان طالع ناوي على حاجة ... أنا سمعتهم بيتكلموا عن عربيات ورجّالة ... مش فاهمة قوي، بس خلي بالك! ...
كانت جميلة وقتها تقف مع أمين أمام باب البيت، لم تستوعب كلمات تالين بعد ... لكن عيناها اتسعت فجأة مع المشهد أمامها ....
في اللحظة ذاتها، توقفت سيارات الشباب أمام المنزل، وانفتح باب سيارة أخرى تقف على الجانب ... خرج منها رجال ضخام، اندفعوا نحو أمين بلا مقدمات ...
صرخت تالين وهي من داخل عربيتها، ورأت الرجال يمسكون بأمين ويرمونه على الأرض، ينهالون عليه بالضرب : دلوقتي فهمت ... أمين! ....
قفزت من سيارتها تجري نحوهم، بينما سقط هاتف جميلة من يدها وهي تصرخ، تركض بجنون نحو أمين الذي كان يتلقى الضربات العنيفة على الأرض أمام عينيها .....
اتجه أحد الرجال الي جميلة، جذبها إلى الوراء، وأحكم قبضته على معصمها ليمنعها من الوصول إلى أخيها ... حتي لا تتأذي حسب طلب سفيان بالطبع ... صرخت وهي تتلوى محاولة الفكاك : أميييين! سيبوه! انتو عايزين إيه مننا؟! عايزين إيه منه؟! ....
كان صوتها يختلط بالدموع، ممزقًا للصمت الذي يخيّم على المكان ....
في تلك اللحظة، كانت تالين قد وصلت تلهث، عيناها ممتلئتان بالقلق، تبحث عن أي وسيلة تساعد بها ... وما إن اقتربت حتى باغتها أحد الرجال بدفعة عنيفة أطاحت بها أرضًا ... سقطت بكل ثقلها على يدها، وانفجرت منها صرخة ألم مكتومة، بينما انعكست ملامح الوجع على وجهها ....
من بعيد، كان إسلام وزين قد شهدا المشهد، فلم يتمكّنا من البقاء في أماكنهما .... فتحا أبواب السيارة بعجلة وانطلقا بخطوات سريعة نحو أمين ....
في تلك الأثناء نزل سفيان من السيارة، صوته يعلو بغضب ممزوج بالذعر : إنتو رايحين فين؟! إنتو أغبية؟! كده هتبوّظوا كل حاجة! ....
التفت زين إليه، عيناه تلمعان بلهيب الغضب، وصوته يقطر تحديًا : إنت ناسي إن اللي هناك دي أختي يا سفيان؟! لو عايز تنتقم، إحنا معاك ... لكن مش على حساب تالين ... أختي دي أهم من انتقامك كله! ...
سفيان عضّ على شفتيه بعصبية، ثم صرخ محاولًا تذكيرهم : إنتو لو روحتوا دلوقتي، الكل هيعرف إن إحنا اللي ورا الموضوع .... مش ده اللي إنت مش عايزه يا إسلام؟! ....
لكن إسلام لم يتردد، صوته قاطع حاسم : مش مهم! دلوقتي مفيش حاجة أهم من تالين يا سفيان! ....
أدرك سفيان أنه لن يتمكّن من ردعهما، فاكتفى بإلقاء نظرة غاضبه وهو يقول : تمام ... براحتكم ... البسوا إنتو بقى! ....
ثم عاد مسرعًا إلى سيارته، وانطلق بعيدًا ...
وفي الجهة الأخرى، كان الرجال ينسحبون إلى عربتهم، تاركين جميلة التي أفلتت منهم وركضت نحو أخيها ...
أمين كان مطروحًا على الأرض، وجهه مغطّى بالدماء، ملامحه مشوهة من شدة الضرب، وأنفاسه ثقيلة بالكاد تُسمع ...
ارتمت جميلة بجانبه، وضعت كفيها علي وجهه، والدموع تنهمر بلا توقف : أمين! أمين رد عليا! ... رد عليا!"
وفي تلك الأثناء، نهضت تالين بصعوبة، تحتضن ذراعها المصابة بألم واضح، ثم جلست بجانب جميلة تحاول تمالك نفسها ...
التفتت إليها جميلة، نظراتها غارقة في القلق، مدت يدها تتحسس ذراعها وقالت بصوت متقطع : إنتي كويسة؟! حصللك حاجة؟ ....
ابتسمت تالين رغم الألم، محاولة التماسك : متقلقيش... أنا كويسة .... هتصل بالاسعاف ....
تالين و هي تتحدث ف الهاتف : الو ... محتاجين عربيه إسعاف ف شارع**** ...
الرجل علي الناحيه الاخري : ممكن اعرف الحاله يا استاذه ؟ ....
في تلك اللحظة وصل زين و اسلام بالقرب منهم ...
رفعت تالين عينيها ونظرت إليهما من فوق لتحت، تحدّق فيهما بعينين حادتين، مليئتين بالغضب ....
اكملت تالين بصوت حاد و عيون مليئه بالغضب : اه ... فيه واحد اتعرض للضرب ف الشارع ...
الرجل : تمام هنبعت لحضرتك عربيه دلوقتي حالا ...
أغلقت تالين الخط ...
اقترب زين من تالين دون أن يلقي نظره حتي علي أمين الملقي علي الارض ...
أمسك زين يدها الأخرى برفق، وأوقفها أمامه، بينما كانت عيناه تعكس القلق العميق : إنتي كويسة؟" قالها وهو يضغط على يدها الموجوعة برفق ...
تألمت تالين من لمسة يده، و ابعدت يده عنها ، وصوتها يرتجف قليلاً وهي تقول : أنا كويسة...
اقترب زين مرة أخرى وقال : طب تعالي يلا ... نروح المستشفى ونشوف إيدك ...
رفعت تالين عينيها نحوهما بعزم شديد، ونبرة حادّة في صوتها : أنا مش هسيبهم غير لما الإسعاف ييجي، وأتطمن أنا وجميلة على أمين ....
أجابها إسلام بهدوء : أيوة يا تالين بس ....
لكنها قاطعته بغضب واضح : أنت بالذات مش عايزة أسمع كلمه منك ....
نظر زين إلى إسلام، صامتًا، مدركًا أن أخته على حق في عصبيتها ...
استدارت تالين إلى اتجاه أمين الذي فقد ملامحه من شدة الدماء والضرب، وقالت بحدة وتحدٍّ : لو عايزين تهربوا زي ما سفيان عمل ... اتفضلوا ... لو عايزين تستنوا الاسعاف وتشوفوا نتايج أفعالكم ... اتفضلوا برضو ....
توقف الإثنان للحظة، ألقوا نظرة خاطفة على أمين، و علي جميله الجالسه بجانب اخيها بقلق ، ثم أبعدوا نظرهم بعيدًا، غطّى الصمت شعورًا بالصدمة والذنب، بينما وقفت تالين ثابتة، عينها لا تفارق أمين، ويديها الممسكة بالموبايل ترتجف قليلاً من شدة الألم والقلق ....
وصلت سيارة الإسعاف بسرعة، وانتشلت أمين من على الأرض بكل عناية ...
كانت جميلة مركزة على كل حركة يقوم بها المسعفون، قلبها يخفق خوفًا وقلقًا على أخيها ... ركبت معهم في السيارة، ممسكة يده بإحكام، عيناها لا تفارق كل تحرك يخصه ....
أما تالين، كانت تتحرك لتركب عربيتها لتتجه نحو المستشفى، لكنها توقفت فجأة حين وضع زين يده على باب سيارتها و قال : أنا سمعت كلامك ف كل حاجة... بس مش هسمع كلمك و اسيبك تسوقي وإنتي فالحالة دي ....
أغلقت تالين باب السيارة بعنف، صوت التصاق الباب كان يعكس غضبها، وقالت بحدة واضحة : واضح يا زين انك سمعت كلامي ف كل حاجة ... و وفيت بالوعد اللي انت ادتهولي ....
اقتربت تالين سريعًا من سيارته، وركبت فيها، ثم أغلقت الباب بقوة ....
ركب زين السيارة بجانبها، وإسلام خلفهم في عربته، وانطلقوا جميعًا بسرعة صوب المستشفى، كل واحد منهم مشحون بالقلق، والأعين مركزة على الطريق ....
أنت تقرأ
قصة حياتنا
Romanceلم تكن أعينهم تراهم خطرًا ولم يتوقع أحد أن دخولهم الصامت سيُغيّر كل شيء في البداية لم يتغير شيء واضح لكن شيئًا غير مرئي بدأ يتحرك في الخلفية الأحاديث اختلفت، التفاصيل لم تعد كما كانت، والراحة التي اعتادها الجميع بدأت تتلاشى وكل ما ظنه الجميع ثابتًا...
