P.4

92 9 5
                                    

اكملت ليان بحزن شديد و دموع بدأت في الهطول : .... الله يرحمه ...
صدم أمين و جميلة بشدة من هذه الجملة التي لم يتوقعوها أبدا .... نظروا الي بعضهم باستغراب كبير و صدمة شديد من جملة ليان هذه
جميلة بصدمة كبيرة للغاية : ايييه ... ازاي ...
لم ترد ليان عليها بل بدأت تبكي اكثر و اكثر و هي تخبئ وجهها بيدها كالأطفال و وجهها احمر بشدة ... و لانها لا تريد أحد أن يراها و هي تبكي لذلك وضعت يدها علي وجهها ...
جميلة بخوف عليها وهي تربت علي كتف ليان و في نفس الوقت ما زالت في صدمتها : انا اسفة بجد اني فكرتك بحاجة زي كده ...
ليان و هي تمسح وجهها الأحمر بيدها .. : عادي .. ولا يهمك انا اصلا فاكرة اكيد ... و مش هنسي
قالت جملتها الأخيرة بحزن شديد يظهر علي كل انش بوجهها ...
جميلة باستغراب : بس ثانية واحدة كده ... ازاي الإعلام متكلمش علي الموضوع دة و باباكي من أشهر رجال الأعمال ...
ليان بحزن شديد : لان بابا ... م .. مات .... لان بابا مات مقتول .... و لو الإعلام اتكلم الشركات بتاعت بابا هتخسر كتير و هيحصل جدل كبير ...
جميلة و أمين في نفس واحد : .... ايييه ....
عند جملتها تلك تذكرت ليان ذلك اليوم المشئوم التي لا تحب تذكرة أبدا .... و في نفس الوقت هو عالق في ذاكرتها لا تستطيع التخلص منه أبدا ... كان هذا اليوم كان البارحة ... تتذكره بكل تفاصيله بكل احداثه ... اي شيء حدث في هذا اليوم سواء سيء أو جيد تتذكره .... هذا اليوم الوحيد التي لا تستطيع نسيانه أو تخطيه ...

فلاش باك .....

شرقت الشمس في صباح ذلك اليوم علي بيت جميل للغاية .... أشبه ب فيلا و أفخم بكثير ... فهو كبير للغاية و به حديقة كبيرة مع حمام سباحة رائع للغاية ... كان حقا أفخم من أي بيت ... و لكن ليست الفخامة المطلقة و المبالغ بها ... بل بالعكس هو يجمع بين الفخامة و البساطة و الرقي .... اما من الداخل فهو لم يكن اقل رقي و جمال من الخارج بل بالعكس ... هو يتكون من طابقين ... الطابق الاول يحتوي علي غرفة معيشة كبيرة و المطبخ و السفرة و غرفة الضيوف ... اما الطابق الثاني فكان يحتوي علي العديد من الغرف .. و علي الرغم من ذلك فكان بسيط للغاية ... ألوانه هادئة و ليس مبالغ به
و علي سفرة الإفطار .... نزل شخص من الاعلي سنه بين الأربعين و الخمسين تبدو عليه الاناقة ....
اريان بابتسامة : صباح الخير يا حبيبتي ....
خرجت سيدة من المطبخ في عمر الأربعين و قالت بابتسامة كبيرة : صباح النور يا حبيبي .... تعالي افطر معانا النهاردة ...
اريان باستعجال : معلش يا حبيبتي ... انا مستعجل عندي اجتماع مهم ... خليها مرة تاني ...
الام بغضب : يعني انت كل يوم تنزل من غير فطار ... و كل مرة تقولي اجتماع و خليها وقت تاني ...
اريان بابتسامة من زوجته التي تقول له هذا الحديث كل يوم : يا حبيتي هو انا مش شايل شركة علي كتافي مثلا ... و بنزل كل يوم اخرج او اعمل اي حاجة ....
الام بغضب أكبر و زعل مصطنع : ايوة الكلام بتاع كل يوم دة .... هو دة اللي كنت بتقولي عليه ... هو دة اللي مش هسيبك أبدا و هفضل دايما جمبك و سندك و عمري ما هتخلي عندك ... و انت حتي مش بتفكر تتصل تسأل عليا و طول اليوم سايبني قاعدة مع المجنونة اللي نايمة فوق دي لوحدي ...
قالت الام جملتها و هي تشير بيدها الي السلم المؤدي الي غرفة ليان و تنظر له ... لتري عليه ليان واقفة بالبيجامة و شعرها منكوش للغاية و شكلها مضحك بشدة .... و هي واقفة تكرر الحديث مع أمها ... لان والدتها تقول هذا الكلام يوميا لوالدها قبل خروجه من المنزل ... نظرت الام لها بغضب شديد و هي تراها تكرر وراها الحديث كأنها صدي صوت .... نظر الأب هو الاخر الي السلم ليري ما تنظر له زوجته .... ثواني و بدأ في الضحك بشدة علي شكل ليان و علي تكرارها لحديث والدتها و بدأت ليان هي الاخري في الضحك معه
الام بغضب من ليان و والدها : بتضحك علي بنتك اللي عاملالي صدي الصوت من الصبح كده ... دة بدل ما تقولها عيب دي ماماتك ....
الاب بضحك : طب ما هي عندها حق ... كل يوم تكرري نفس الكلام دة لحد ما حفظناه
ثم اكمل بضحك اكتر : بس عارفة ... انا انهاردة هقعد علشان ليان حبيبة قلبي صحيت و انا عايز اقعد معاها .... قال جملته و نظر الي ليان التي بسرعة البرق ذهبت الي والدها و وقفت جمبه ... و هو الاخر وضع يده علي كتفيها و هو ينظر لزوجته بضحك شديد من كلاهما ....
الام بغضب : يعني انت قاعد عشان ليان بس ... و انا مليش لازمة ... تمام شوفوا بقي مين هيعملوكوا الفطار .... قالت جملتها و هي ذاهبة الي المطبخ ... لكن ليان شدتها مين يدها و اوقفتها بجانبهم و هي تضع يدها علي كتفيها و هي تقول بمرح : بصي يا ماما ... علشان تخلي بابا يقعد ياكل لازم توصلي لمستوايا كده .... و عشان توصلي لازم تشتغلي علي نفسك كتير .... قالت جملتها و هي تضحك بشدة و هي تنظر لوالدها الذي ضحك معها أيضا ....
ثم نظر لهم بحب كبير و قال : ربنا يخليكوا ليا ... انتو بجد احلي حاجة انا عملتها ... قال جملته و هو يحتضنهم بشده و كذلك ليان و والدتها التي بادلوه الحضن ....
ثم قالت ليان بمرح : خلاص بقي ... انا مليش في الرومانسية دي ... يلا نفطر ... اهم حاجة الاكل
ضحك الاب و الام علي جملتها و ذهبوا لكي يتناولوا الإفطار معا .... الذي لم يخلي بالطبع من مرح ليان مع والدها و والدتها التي أصابتها تلك الفتاة بالجنون ... انتهت العائلة من الإفطار و قام اريان من مكانه لكي يذهب الي عمله و هو في طريقة الي باب المنزل شعرت ليان بشيء غريب ...كأن قلبها يخبرها بأن لا تدعه يذهب الي العمل ....شعرت بغصه غريبة في قلبها ... لأول مرة تشعر بها عندما يذهب والدها الي العمل ... شعرت و أن قلبها يريد الذهاب معه ولا يتركه أبدا .... شعرت بأن هذه آخر مرة ستراه بها ... و في طريقه ندهت عليه ليان بسرعة .. التفت لها والدها و نظر لها باستغراب ... ثواني و جرت ليان عليه و هي تحتضنه ... كأنها تعلم أن هذا حضنها الاخري له ... استغرب اريان من فعلتها هذه لكنه لم يعقب و حضنها هو الاخر ... فتح الباب و خرج و ليان تأشر له بيدها و قلبها ينكسر بداخلها .. شعرت بهذا الشعور لأول مرة .... شعرت بالخوف من المستقبل لكنها لم تهتم و قالت انه مجرد شعور ....
و في الليل ...
كانت الام و ابنتها يجلسان في غرفة المعيشة .. كانت ليان تجلس علي التابلت اما أمها كانت تجلس علي الهاتف .... و فجأة رن هاتف المنزل ... ذهبت ليان لكي ترد علي الهاتف
ليان : الو .. مين ..
المتحدث : دة منزل رجل الأعمال اريان ...
ليان بخوف : اه ... في حاجة ...
المتحدث : الأستاذ اريان في مستشفي *** تعرض لضربة قوية علي دماغه ...
اكمل المتحدث حديثه و لكن لم تستمع له ليان ... فكانت شبه مغيبة أو بعالم آخر ... كانت صدمتها في هذه اللحظة أكبر من أي شيء .... تعرضت لصاعقة كبيرة إثر جملته تلك .... كانت تشعر بأن هناك شيء سيء سيحدث و لكن ليس دخول والدها للمستشفي .... كان كل ما يسيطر عليها في هذه اللحظة هي الصدمة ... لا شيء آخر فقط الصدمة .... سقط الهاتف من يدها أثر صدمتها مما سمعته
أمها بقلق و خوف : في ايه يا ليان ....
ليان و بدأت في البكاء : ماما ... الحقي باباااا .... هو في المستشفييييي .....
الام بصدمة كبيرة : انتي بتقولي ايه ... ازااي يعني ....
ليان ببكاء شديد : في حد رن عليا بيقول ان .... ان بابا في المستشفي .. و ... و احنا لازم نروحله
اخذت ليان هاتفها و مفتاح سيارتها و معها أمها .... و ركبت السيارة حتي تذهب الي المستشفي ... حتي لم تفكر في تغير ملابسها ... كل ما تفكر به هو والدها و ماذا سيحدث له .... و كيف حدث له هذا ... و هل سيخرج ام لا ... هل سيموت ... عند هذه النقطة توقف عن التفكير و ازاحت تلك الأفكار عن بالها ... و طمائنت نفسها انه سيكون بخير .... وصلت ليان الي المستشفي في وقت قياسي ... بعد أن كادت تصنع مائة حادثة و هي في الطريق ... نزلت من السيارة بسرعة هي و والدتها و ذهبوا الي الاستقبال ....
قالت ليان الي الاستقبال و هي تبكي بشدة : أوضة استاذ اريان فين ....
الممرضة و هي تنظر في الأوراق أمامها : هو في غرفة العمليات بالدور التالت
جرت ليان و والدتها الي الدور الثالث بسرعة كبيرة ... وقفوا أمام غرفة العمليات بانتظار الدكتور حتي يطمئنهم .... و هم يدعوا لاريان أن يكون بخير .... و فجأة خرج الطبيب و معه اريان علي السرير و هو يقول بخوف شديد : علي غرفة العناية المركزة بسرعة ... يلااااااا ....
ذهبت الام له و قالت بخوف شديد : يا دكتور هو كويس صح ... هو هيبقي كويس مش كده ... صحححح ....
الدكتور بخيبة أمل : هو للاسف اتعرض لضربة خطيرة علي دماغه ... و الضربة دي أدت لكسر في الجمجمة ... و اتنقل دلوقتي لغرفة العناية المركزة ... عن اذنكم ....
ذهب الدكتور تاركا ليان و والدتها في صدمة كبيرة مما حدث ... لم يصدقا بعد ما سمعا ... كانت جملته تلك مثل الصاعقة عليهم
اردفت الام بحزن كبير و صدمة أكبر و هي تصرخ بشدة : لا ... لا لا .. لااااااااا ..... ارياااااااااااان ..... لا ... لا اريااااااااان ... اريااااااااااااااااان ...
كانت ليان بجانبها تربت علي كتفيها و هي تواسيها .... و هي اصلا بحاجة لمن يواسيها هي ..... والدها كان كل حياتها تقريبا ..... كان يملأ حياتها ... لم تفعل شيء بدونه في حياتها .... لم تشعر بفراغ أبدا و هو معها .... هو الذي يشتري لها كل شيء و اي شيء .... يسافرون معا ... يخرجون معا ... اشتاقت لكل هذا ... اشتاقت لخوفه عليها لحديثه لضحكه .... اشتاقت له و بشدة ... اشتاقت لسندها و حاميها و صديقها و كل شيء ..
اما الام قالت جملتها تلك و وقع مغشيا عليها
ليان بخوف علي والدتها و انهيار : ماماااااااااااا ...... مامااااااااااااااا .... الحقووووونييييي .... مامااااااا
اتي الممرضين بسرعة و قاموا بإعطاء والدتها حقنة مهدئة و نقلوها الي غرفة عادية حتي تفيق .... اما ليان كانت تجلس بجانب والدتها تارة ... و تارة اخري تذهب لكي تري والدها في غرفة العناية .... و بعد فترة ليست بطويلة استيقظت الام من تأثير الحقنة و قالت بلهفة و بسرعة : ليان ... ابوكي طلع من العناية ....
ليان ببكاء و دموع : لسه يا ماما ... لسه مخرجش
بعد كلمتها تلك وضعت الام يدها علي رأسها بالم شديد في قلبها علي ما حدث لزوجها و حبيبها و انفجرت في البكاء
ليان بتهدئة : اهدي يا ماما ارجوكي ... اكيد هيبقي كويس
الام ببكاء و انهيار : هيبقي كويس ازاي بس ... ازاااااي
مسحت الام دموعها و قالت بسرعة و هي تقوم من علي السرير : انا لازم اروح اشوفه ... مش هينفع أفضل قاعدة كده
قالت الام جملتها و خرجت مسرعة من الغرفة الي غرفة العناية و خلفها ليان التي تحاول ان تلحق بها
وصلت الام و ليان إمام الغرفة ليجدوا أن جهاز النبض أطلق سفيرا ... و دخل الأطباء بسرعة ليحاولوا إنقاذ اريان .... قام الطبيب باستخدام جهاز صدمات القلب ليحاول إنقاذه
الدكتور بسرعة و غضب : زود الكهرباء .... يلااا
قام الممرض بفعل ما أمره به الطبيب و قام بتزويد الكهرباء و لكن دون فائدة ... لم يستطيع الجهاز إنعاش قلبه .... و قام الممرض بتغطية وجه اريان بعد محاولات كثيرة لانقاذه ....
اما في الخارج صدمت ليان و والدتها بشدة مما رأوه ... رأوا كل شيء بداية من تصفير الجهاز الخاص بالقلب الي استعمال جهاز الصدمات الي تزويد الكهرباء ... الي هنا كانت الصدمة هي فقط حليفة الموقف ... و بعد تغطيه وجه اريان تحولت تلك الصدمة الي انهيار و بكاء
ليان بانهيار شديد و بكاء و صوت عالي و هي تخبط علي الزجاج : بابااااااااااعععع .... متغطوش وش بابا .... باباااااااااا ... بابااااااعععع
وقعت ليان علي الارض وهي تخبط بيدها في الأرض بشدة و هي فقط تنادي باسم والدها لا شيء آخر : اه .... لا لا .... مستحييل .... بابااااااااااااااااا ...
اما الام لم تعرف ماذا تفعل هل تهدي ابنتها ... ام تحاول استيعاب صدمة موت زوجها .... توقف عقلها عن التفكير في تلك اللحظة لتدخل هي الاخري في نوبة بكاء شديد
الام : اريييييااااان .... لا لا ..... ارييييياااااااااااان ....
و في تلك اللحظة جاءت يازجي و ديانا ابنتها الذين عرفوا أن اريان في المستشفي و حالته خطيرة ... وصلوا الي الغرفة و رأوه ليان و أمها منهارين من البكاء .... و في تلك اللحظة خرج الممرض بسرير اريان و هو يغطئ وجه ....
قامت ليان بسرعة من علي الارض و ذهبت الي والدها و ازاحت الغطاء عن وجهه ... نظرت له بعيون مليئة بالدموع ... كانت مثل التائهة لا تعرف ماذا تفعل أو ماذا تقول ... كان هذا الموقف غريب بالنسبة لها ... تمنت أن يكون مجرد كابوس و تستيقظ منه .... و لكن من يهرب من الواقع .... نظرت له مطولا علي امل ان يستيقظ الآن و يقول انه يمزح .... تحولت نظراتها تلك الي بكاء ... بكت بشدة و هي تنظر له .... جاء في عقلها ذكرياته معها منذ أن كانت طفلة و كان يلعب معها كثيرا ... تذكرت عندما كبرت قليلا و دخلت الي المدرسة كيف كان يودعها بالدموع .... تذكرت ايام امتحانتها كيف كان يسهر معها و يذاكر معها .... تذكرت سفرها معه و خروجتها معه ... تذكرت كيف كان ينصحها و يكلمها بهدوء .... لم يغضب منها إلا نادرا .... كانت ابنته الوحيدة و المدللة لديه .... و الآن هو تركها ... تركها وحيدة لا تعلم ماذا تفعل بدونه ... تركها حاميها و سندها .... و عند هذه اللحظة عرفت ان ظهرها قد انكسر ... و فجأة وسط بكائها احتضنته ... و ظلت تبكي بشدة ...
و جاءت الام وسط بكائها ... نظرت له نظرة تحمل الف معني و معني .... قبلت يده و راسه ... و وضعت رأسها علي قدمه و هي تبكي بشدة و انهيار .... كيف ستواجه العالم القاسي هي و ابنتها بدونه كيف ...
الممرض بحزن عليهم و هو ينظر ل يازجي : احنا لازم ناخد استاذ اريان عشان نغسله ...
ذهبت يازجي و ابنتها ناحية ليان و والدتها و اخذوهم من علي جثته و هم مازالوا في انهيارهم و بكائهم .... و بمجرد أن اخذوهم غطي الممرض وجهه و اخذ السرير و ذهب بعيدا ...
الام بعد رحيله و هي تحاول الذهاب اليها : لا .... لا متخدوش لااااااا .... ارياااااااااااااان .... اه ...لا لا ارياااااان لا
كانت الام تريد الذهاب له و لكن يازجي منعتها و هي تمسك بها
اما ليان وقعت علي الارض و هي تبكي بشدة و انهيار و صراخ : باباااااااااااااااا ..... باباااااااااااااا .... بابااااااااا
جاء الصباح اخيرا و خرجت جثة اريان من المغسلة و ذهبوا بها لكي تدفن .... و كانت ليان و والدتها هناك ... انتهوا من جميع الإجراءات و اتي وقت انه يدفن ... وُضع اريان في قبره وسط انهيار و بكاء من ليان و والدتها و حان وقت ان يضعوا عليه التراب ... اقتربت ليان منه بحزن كبير و انهيار و اخذت من التراب و وضعته عليه و بعدها لم تصمد بعد وقعت علي الارض ببكاء و انهيار : بابااااععع متسبنيش عشان خاطري ... باباااا .... متسبنيش ... باباااااععع .... اما والدتها تقدمت ووهي تضع التراب و تحاول الصمود أمام ابنتها حتي لا تنهار اكثر و بداخلها حرب كبيرة ... الام و هي تحاول الظهور بقوة امام ابنتها : ليان قومي .. قومي يلا ... رفعت الام ليان من علي الارض من كتفيها وسط انهيار ليان و بكاء من والدتها ثم انتهت الدفنة و ذهب الجميع الي منازلهم ... و دخلت ليان و والدتها الي منزلهم الكبير و هم لا يريدون دخوله ... كان بالنسبة لهم ليس بيتهم الملئ بالدفئ و الحب و الضحكات ... كان بالنسبة لهم موحش بدون اريان .... جلست ليان و والدتها في غرفة المعيشة ... أسندت ليان رأسها علي كتف والدتها و هي تبكي بشدة و قهر و انهيار ... و والدتها التي مسكت يدها بحزن و هي الاخري تبكي بشدة و حزن كبير ... كانوا يبكون و هم ينادون باسمه فقط لا شيء آخر ....
و علي الظهيرة استيقظت ليان من نومها لتجد نفسها ممدة علي أريكة غرفة المعيشة .... و والدتها لا توجد بجانبها .... قامت ليان من نومها مفزوعة و قالت بقلق : مامااا .... مامااااا ... انتي فين ....
اتجهت ليان لتبحث عنها في أرجاء المنزل و لكنها لم تجدها .... مسكت هاتفها و رنت عليها و لكنه كان خارج الخدمة .... وضعت يدها علي رأسها بقلق و خوف علي والدتها .... اين ستذهب يوم وفاة زوجها .... و فجأة و هي تدور برأسها و ترن علي والدتها رأت ساعة والدتها موضعة علي طاولة و تحتها ورقة ... ذهبت إليها ليان بسرعة و ازاحت الورقة و قرأت ما موجود بها .... تحولت علامات الخوف و القلق الي الصدمة ....
كان محتوي الرسالة ..... "ليان حبيبتي .... انا انهاردة روحت علي مركز الشرطة و عرفت ان دي مش حادثة .... و ان حد ضرب باباكي قاصد علي دماغة .... و هو سرق كل حاجته ... موبايله و محفظته .... كل حاجة ... عشان كده انا خوفت .... خوفت ان اللي سرقه يجي يقتلني او يقتلك .... عشان كده انا هسافر .... هسافر برا البلد لفترة .... انا اسفة اني مقولتلكيش عشان تيجي معايا ... بس انا متاكده انك هتقدري تعتدمي علي نفسك و تعيشي لوحدك .... انا اسفة اني عملت كده .. و انتي روحي ليازجي ... هي هتحميكي و تقدر تاخد بالها منك .... انا اسفة اني عملت كده ... هتوحشيني اوي "
إمضاء : والدتك ...
لم تصدق ليان ما قرائته ... عادت قراءة الورقة اكثر من مرة علها تكون مخطئة ... و لكن نعم ... والدتها تركتها و سافرت ... تركتها تواجه مصيرها .... تركتها لهذا العالم ... خافت علي نفسها و تركتها .... عند هذه اللحظة انهارت ليان ... انهارت بخصوص كل شيء تعرضت له ... من موت أبيها ... لهروب أمها .... انهارت و بشدة .... ظلت تبكي بشدة و هي تقول : مامااا .... ليه سبتيني ... ليه ... ليه ...انتي عارفة اني مش هقدر اعيش من غيرك .... لا سبتيني و مشيتي ليه ... ليه ... خوفتي علي نفسك و مخفتويش عليا ليه ... ليه ....
ظلت ليان تبكي بشدة و انهيار لوقت طويل .... و هي تتحسر علي حالها ... كانت امس سعيدة وسط عائلتها الجميلة ... كانت سعيدة لانها لديها عائلة مثلهم .. و في يوم واحد تغير كل شيء ... مات والدها سافرت أمها و تركتها ... لا تفعل ماذا تفعل و اين ستذهب ... لا تعلم شيء ....
و وسط انهيارها و بكائها دق باب المنزل ... ذهبت ليان لتفتح و هي تمسح دموعها و عيونها حمراء منتفخة إثر بكائها ... فتحت الباب و تفاجأت بالمدير التنفيذي لشركة والدها و الذي يسمي ( نيروز ) ... و كانت ليان تعرفه لانها كانت تذهب مع والدها الي عمله احيانا كثيرة ....
نيروز بابتسامة : صباح الخير يا آنسة ليان ... اسف لو بعطلك عن حاجة ....
ليان بابتسامة باهتة : صباح النور ... لا مش بتعطلني ... خير ...
نيروز بجدية : شريك والد حضرتك باعت اعتذاره لحضرتك علي انه محضرش العزاء لأنه كان خارج البلاد بيحضر اجتماع ... و كمان بيقول لحضرتك البقية في حياتكم ....
ليان بعدم اهتمام : قوله إنه محصلش حاجة ... و حياتك البقيه ... مع السلامة ...
جاءت ليان لتعلق الباب و لكن نيروز وضع يده علي الباب و قال : لسه في حاجة تانية ...
ليان باستغراب : ايه هي .....
نيروز بجدية : حضرتك متعرفيش اننا المفروض هنبيع البيت و اي ممتلكات كان بيملكها الاستاذ اريان الله يرحمه .... سواء فيلل أو منازل و شاليهات و عقارات ... و كمان العربية ...
ليان باستغراب كبير : ... هتبيعهم ليه ... ممكن افهم ...
نيروز : عشان الممتلكات دي هتروح مع نصيب والدك في الشركة ... لشريكه ... عشان هو ملهوش وراثه ... و طبعا الممتلكات دي محفوظة مع نصيب والدك في الشركة ... لحد ما حضرتك تتمي السن القانوني و تاخديهم ...
ليان باستغراب : بس انا اول مرة اسمع أن ممتلكات رجال الأعمال بتتباع لما يتوفوا ... لو معندهمش وراثه ...
نيروز : حضرتك دة مش بيتعمل في العادي ... لكن والد حضرتك موقع علي عقد بالكلام دة ...
ليان باستغراب أن والدها يفعل هذا الشيء : ايييه .... ازااي ...
نيروز : زي ما حضرتك سمعتي .... والد حضرتك موقع علي عقد بيقول كده ثم اكمل و هو يخرج شيء من حقيبة : اتفضلي شوفي بنفسك ...
مسكت ليان الورقة و قرأتها بصدمة كبيرة ... فبالفعل مكتوب بالورقة أي ممتلكات يمتلكها السيد اريان تذهب لشريكه عن موته ... اذا لم يكن له وراثه ... و رأت ليان توقيع والدها علي هذه الورقة
ليان باستغراب كبير : بس ازااي كده ... هي ماما ينفع تاخد نصيب بابا في الشركة ...
نيروز بخبث و كانه يعلم شيء : اكيد طبعا ... بس لو هي مسفرتش برا البلد ...
تذكرت ليان في هذه اللحظة أن والدتها تركت المنزل و غادرت خوفا علي نفسها ...
ثم اردفت بحزن : طيب ... ايه المطلوب مني دلوقتي ...
نيروز : المطلوب أن حضرتك تسيبي البيت و مفاتيح العربية .... و الكاريدت كارت اكيد لان حتي الفلوس اللي في البنك هتتسحب ...
نظرت له ليان باستغراب كبير و صدمة أكبر مما يحدث لها ... كيف هذا .. كيف حياتها تدمرت في لمح البصر ... في يوم وليلة صارت بلا أب و بلا ام و بلا منزل حتي .... كيف لم يعد معها شيء و هي كان معها كل شيء و اي شيء ..... أغلقت ليان الباب و هي مازالت في صدمتها ... لم تفهم حتي الان ماذا حدث ... ذهبت الي غرفتها و وضعت اشيائها في حقيبة و هي تنظر الي الغرفة التي عاشت بها سنين عمرها بأكمله ... نظرت الي كل ركن ... كل ركن بها يذكرها بوالدها ... منذ أن كانت طفلة حتي كبرت .... كل ركن بها لها معه ذكرياتها .... و دائما ذكرياتها تلك مربوطة بوالدها .... نزلت دموعها مرة اخري علي والدها الذي فارقها ... نزلت من غرفتها الي غرفة والدها و والدتها .... تذكرت كيف كان يستعد والدها لعمله و هي صغيرة ... و كيف كانت تجلس علي سريره و تراه و تقلده .... نزلت بعدها الي المطبخ و منها الي السفرة و دموعها تزداد اكثر و اكثر .... و اخرها ذهبت الي غرفة المعيشة و تذكرت كيف كانوا يجلسون معا هم الثلاثة و يشاهدون افلام و يلعبون معا ... و من غرفة المعيشة خرجت من المنزل و نظرت الي حمام السباحة و الحديقة نظرات مطولة ... و نظرت الي منزلها لآخر مرة من الخارج و ذهبت بعدها الي خالتها و هي دموعها علي خدها ...

يتبع .....

قصة حياتنا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن