اجتمعوا جميعًا مرة أخرى أمام السيارات ... والجو ما زال مشحونًا بالتوتر ...
اقترب زين من سفيان وسأله بقلق : انت كويس؟ ...
ابتسم سفيان ابتسامة غامضة وقال : أنا كويس … وهبقى كويس أكتر لما آخد حقي … وأندمه ...
تالين التي لم تحتمل كلامه ... قاطعته بسرعة : تاخد حقك من مين؟! انت ضربته وهو ضربك … خلص الموضوع! ....
في تلك اللحظة، شعرت لينا بالغضب يتفجر بداخلها ... وكادت تندفع لتضرب تالين ... لكنها تماسكت بصعوبة ... فقط لأنها أخت زين ... و اكتفت بالنظر إليها بغضب ....
أما سفيان فلم يعلّق ... بل اكتفى بنظرة طويلة نحو زين وإسلام ... ونصف ابتسامة ماكرة ارتسمت على وجهه ... ثم سكت تمامًا … تاركًا وراءه غموضًا يجعل الهواء ثقيلا ...
تبادل زين وإسلام نظرة سريعة ... وفهما على الفور مغزى ابتسامة سفيان الماكرة .... كان واضحًا أنه لا يريد لأحد أن يتدخل في هذا الامر ... ولا أن يُفصح ما يدور بداخله ....
قال زين بنبرة حاسمة : خلاص … يلا بينا نمشي ....
انتفضت لينا بدهشة وهي تقول : إزاي يعني؟ مش هتعملوا حاجة؟ مش هتاخد حقك منه يا سفيان؟ ....
أجابها زين بغضب و حده و هو يحاول ان يمسك اعصابه : ما خلاص بقى يا لينا! كفاية اللي حصل بسببك … يلا عشان نروح ...
أطبقت لينا شفتيها بصمت ... تكاد النار تتأجج في صدرها من الغضب ... ساد بينهم صمت ثقيل ... والصمت هذا كان أبلغ من أي كلمة .... وبدأ الجميع يتجهون إلى سياراتهم .... والجو كله بدا أهدأ في الظاهر … لكن النار تحت الرماد ....
كانت تالين لا تملك سيارتها في ذلك اليوم ... فتقدمت نحو سيارة زين لتجلس بجواره .... لكن لينا سبقتها بخطوة سريعة ... وأمسكت مقبض الباب قبلها ... ثم التفتت إليها بابتسامة مصطنعة وقالت بصوت لطيف متكلّف : معلش يا تالين … ممكن أركب أنا مع زين؟ عايزاه في موضوع مهم ....
حدّقت تالين بها بغضب وقالت بحدة : وأنا أركب فين يعني؟! ....
أشارت لينا ببرود نحو سيارة إسلام وقالت : إسلام راكب لوحده … ممكن يوصلك ....
نظرت تالين إليها بضيق ... وزفرت بحدة .... ثم استدارت بخطوات سريعة واتجهت إلى سيارة إسلام ... جلست بجانبه بعصبية ... وأغلقت الباب خلفها بقوة ... كأنها تصب غضبها كله في تلك الحركة ...
بدأت السيارات تتحرك واحدة تلو الأخرى ... وكان الصمت يخيّم على الجو ...
جلس زين خلف المقود ... وألقى نظرة سريعة على لينا وهي تستقر بجانبه ... كان قد لمحها قبل لحظات واقفة مع تالين عند الباب ... لكنه توقّع أن الأمر عابر ... التفت إليها فجأة بغضب وسألها : إنتي ركبتي هنا ليه؟ وفين تالين؟ ...
أجابته لينا بهدوء : تالين ركبت مع إسلام … وأنا هروح معاك النهاردة ....
تنهد زين بضيق ... وحاول أن يتمالك أعصابه ثم قال محاولًا إقناعها بالنزول : طب وعربيتك؟ هتسيبيها هنا؟ ...
ابتسمت لينا بخفة وقالت : هبعت السواق ياخدها ...
تشدّد وجه زين من الغضب ... ثم حوّل بصره إلى الطريق أمامه ... وضغط على دواسة الوقود بقوة ... فانطلقت السيارة مسرعة في اتجاه بيت لينا ....
أما في السيارة الأخرى ... كانت تالين تجلس إلى جوار إسلام ... ما تزال علامات الضيق بادية على ملامحها ... وبعد لحظات من الصمت ... التفتت إليه وقالت بصوت متردد : ممكن أسألك سؤال … بس ترد عليا بصراحة؟ ....
ابتسم إسلام ... وقد بدا عليه الرضا من الموقف كله لكونها تجلس بجواره ... وأجاب بثقة : أكيد طبعًا… اسألي اللي انتي عايزاه ....
قالت تالين بجدية وهي تراقب ملامحه : هو إنتو مش هتعملوا حاجة … صح؟ ...
رمقها إسلام باستغراب وقال : مش هنعمل حاجة في إيه؟ ....
تنفست تالين ببطء ثم أوضحت : قصدي … مش هتعملوا حاجة لأمين؟ ....
أجابها إسلام بثبات وهو ينظر أمامه : إنتي كنتي واقفة معانا وسمعتي … سفيان ما قالش لأي حد فينا يعمل حاجة ...
ساد الصمت داخل السيارة لثوانٍ ... قبل أن تعاود تالين الحديث بصوت يحمل شيئًا من القلق : أيوة … أنا كنت واقفة معاكم، بس الصراحة مش متطمنة … ومش متوقعة إن سفيان يسكت على حاجة زي دي ....
ابتسم إسلام ابتسامة خفيفة وهو يحاول أن يبعث الطمأنينة في قلبها و قال : لا، اطمني … وهو لو حاول يعمل حاجة، أكيد هيقول يعني ....
نظرت إليه تالين نظرة مشككة، ثم قالت بسرعة : أكيد مش هيقول لي أنا… أكيد ....
ردّ عليها إسلام بهدوء وثبات : خلاص … لو أنا عرفت حاجة، هقولك ....
تعلّقت عيناها به للحظة ثم قالت وكأنها تبحث عن تأكيد : أكيد؟ ....
ابتسم ابتسامة مطمئنة وأجاب : أكيد ....
أنت تقرأ
قصة حياتنا
Romanceلم تكن أعينهم تراهم خطرًا ولم يتوقع أحد أن دخولهم الصامت سيُغيّر كل شيء في البداية لم يتغير شيء واضح لكن شيئًا غير مرئي بدأ يتحرك في الخلفية الأحاديث اختلفت، التفاصيل لم تعد كما كانت، والراحة التي اعتادها الجميع بدأت تتلاشى وكل ما ظنه الجميع ثابتًا...
