استيقظ فزعًا وهلعًا من كابوس مخيف. كان يعذبه ذلك الوحش في القبو بعنف، لدرجة أنه كان يمزق لحمه ويظهر جزء من عظامه. كما أخبره بابتسامة مرعبة أنه سيقتله ولن يسمح له بالبقاء والعيش بعده. هذا الكابوس يأتيه منذ فترة، وكأنه لا يريده أن ينساه حتى بعد أن توفي. لقد سئم منه، حتى أن النوم كان يراه شيئًا مخيفًا يُجبر عليه ليعيش. عليه إيجاد طريقة لإيقافه قبل أن تزداد حالته النفسية والعقلية سوءًا، حتى بدت فكرة الانتحار تعاود الظهور كحل له.كان وجهه شاحبًا جدًا واختلط عرقه مع دموعه الغزيرة. تخبط في السرير يحدق حوله كما لو أنه يبحث عنه، ولا يزال جسده يرتجف وعيناه تهتزان ومتسعتان من هول ما رآه. شعر بذراعين تمسكان به من الخلف، فسقط قلبه فقد عاد ليأخذه كما قال له في الكابوس. جثا على ركبتيه بخوف ورفع يديه وهو يتوسل ويتضرع أن يتركه، لكن الحضن الدافئ جعله يهدأ رغم كونه شيئًا لم يألفه. وكان هذا أمرًا غريبًا. ثم اجهش بالبكاء وهو يتشبث بأيّ كان من يحضنه.
كان يبادله العناق وهو يمسح ويطبب رأسه، وعندما هدأ تمامًا ابتعد ليجدها زوجة جاك، جلست بجانبه بابتسامة لطيفة، كان سعيدًا أنها لم تسأله لأنه لا يريد الحديث عنه، بدأت بقص القصص عليه لتلهيه وتجعله ينسى، وقد نجحت كان لديها أسلوب جذاب كما أحسنت باختيار المواضيع، كانت تعلم أنه لن يعود للنوم لأنه خائف، بعثرت شعره وهي تحدق بالساعة التي تشير إلى الواحدة وخمس وأربعون دقيقة بعد منتصف الليل.
ثم سألته: " هل أنت جائع يا عزيزي؟!! "
كان هناك سبب لهذا السؤال، فهو لم يتناول طعام العشاء جيدًا. تعلم أن هذا يعود إلى نمط حياته السابق، وأن إرغامه على أكل المزيد سيؤذي معدته التي ألفت ذلك النمط، لذا رأت أن الأفضل الإكثار من الوجبات الخفيفة، خاصةً وأنه يبدو أقرب إلى هيكل عظمي من شدة نحافته.
هز رأسه رافضًا، كان قليل الكلام والتجاوب، يفضل الانعزال ولا يزال حذرًا منهم ومترقبًا، وهذا طبيعي لما عاناه وكونه لتوه انتقل للعيش معهم، لذا كانوا غرباء بالنسبة له وهي تدرك ذلك. لكن معدته خالفت رأيه، وأصدرت صوتًا عالياً متذمرًا ومزمجرًا، فخجل وأنزل رأسه ومسح عليها بعتاب وهو يحدق بها بغضب.
حملته بلطف قائلةً: "هل تشاركني؟!! أشعر ببعض الجوع "
رفع رأسه سائلًا بصوت ضعيف وبريء: " حقًا؟!! "
" نعم، في الواقع كنتُ في المطبخ أفكر فيما سأأكله " أجابتْه وهي تتظاهر بالجوع
" أيمكن أن آكل بعضًا من تلك البطاطس؟!! " سأل بتردد وحذر، وهو يلعب بقميصه، نظر إليها قليلاً ثم أخفض عينيه.
أنت تقرأ
حياتي دمرت من قبل لعبة
Gizem / Gerilim# ؟ الخيال والواقع لقد ظننتُ أنهما عالمين متقابلين ومتوازيين لا يمكنهما أن يلتقيا أبداً، لكن بعد تلك الكارثة أدركت أن هذا مجرد وهم وكلام فارغ غرس في عُقلنا، يمكنهما أن يتقاطعا لكن ليس بشكل وكثير الحدوث حتى ينتبه الجميع ويحذر، بل حدوثها قليل ويكاد ي...