الفصل التاسع و الاربعون : بالحديث عن الشيطان—
حين استيقظت أرسيلا، كانت أشعة الفجر الخافتة تتسلل عبر ستائر الغرفة، ترسم ظلالًا خافتة على الجدران. زحفت ببطء خارج السرير، حريصة على ألا توقظ دانييل النائم بعمق. سارت ببطء نحو النافذة، وتشبثت بيديها الباردتين بحافتها، كأنها تبحث عن بعض الدفء أو الراحة من تلك الأفكار التي لا تفارقها.
في الخارج، كانت السماء رمادية، كأنها مرآة لما يعتمل في داخلها. حاولت تركيز بصرها على أفق المدينة، محاولةً الهروب من صور الكوابيس التي تحاصرها. عيناها متعبتان للغاية
تذكرت تفاصيل الكوابيس مرة أخرى، كانت تندفع إلى ذهنها بشكل متسلسل، وكأنها تتعرض لمشهد موت والدتها مرة تلو الأخرى. حاولت صرف النظر، إلا أن مشاهد الدماء، والصرخات المكتومة، وتلك اللحظات الباردة قبل الموت ظلت تغزو عقلها بلا رحمة. كانت كل مرة ترى فيها الحلم تبدو كأنها واقعية أكثر من سابقتها . أصوات والدتها تستغيث جعلت أرسيلا ترتجف بلا هوادة
تساءلت أرسيلا في خوف إذا كان هذا الحلم بمثابة نذير أو علامة تخبرها بأن شيئًا فظيعًا على وشك الحدوث. كان مجرد التفكير في ذلك يجعل دقات قلبها تتسارع، ويدها ترتجف. لم تجد ملاذًا يقيها من هذه المشاعر المزعجة، حتى التنفس بات صعبًا عليها، كأن شيئًا ثقيلًا يضغط على صدرها.
قربت أرسيلا يدها إلى وجهها، كأنها تحاول مسح آثار الخوف. نظرت إلى انعكاس وجهها الشاحب في زجاج النافذة، فرأت عيونًا غارقة في الهم ، وكأنها شخص آخر لا تعرفه. شعرت بشيء يشدّ روحها، كأن هناك طيفاً يحوم حولها
همست لنفسها بصوت مرتجف، وكأنها تحاول إقناع نفسها: "إنها مجرد كوابيس... مجرد أحلام"، لكنها لم تستطع طرد الشعور بالخوف الذي يغمرها، خوف لم تعرف كيف تشرحه، ولا كيف تضع له حداً له
قفزت أرسيلا بحذر، كانت تتحرك بخفة كأنها تتسلل في منتصف الليل، مع أن الصباح قد أشرق. التفتت لتتأكد أن أخاها لا يزال نائمًا، وابتسمت قليلاً وهي ترى ملامحه الصغيرة مسترخية وهادئة، كأنه في عالم آخر
بخطوات خفيفة، ارتدت خفيها حيث شعرت بالدفء يسري في قدميها الصغيرتين، مما زاد حماسها لفكرة الذهاب إلى المطبخ خلسة. فكّرت بالبسكويت بالشوكولاتة الذي يحضره الشيف خصيصاً لها، وكادت تتذوق طعمه على لسانها من شدة التلهف. لكن فجأة، توقف ذهنها عند أمر أقلقها بشدة؛ والدتها لم تشاركهم وجبة العشاء ليلة أمس.

أنت تقرأ
لقد أصبحت أما لشريري الرواية!!
Fantasíaفي لحظة كانت حياتي مليئة بالاجتماعات الهامة، الرحلات الدولية، واتخاذ قرارات كبيرة . أنا، التي كانت اسمها يُنطق بإعجاب واحترام في عالم الأعمال، وجدت نفسي فجأة محاصرة في حكاية خيالية، تجسدت في شخصية قد قرأت عنها سابقًا ولم تكن سوى أم شريري في رواية مل...