..
إنه الحسين !..
وعلى الرغم من أني لم أر وجهه، فقد كان يوجه كلامه إلى عسكر ضخم أمامه، إلا أني أعرفه جيدًا، وكيف لا أعرفه وهو الحبيب ! ، الذي لطالما انتظرت لقاءه، وتمنيت رؤيته.
أردتُ أن أرى وجهه لكني لم أستطع التحرك قيد أنملة، فكان الجو مُربكًا، ورأيته قد تقدم خطوات نحو ذلك الجيش، واتكأ على قائم سيفه ونادى بأعلى صوته:
- أنشدكم الله هل تعرفوني؟
آه وألف آه، عندما قالها أمامي اقشعر جلدي، وضعف بدني، فقد كانَت نبرتُه كلّها غُصّة، شعرتُ بألمه، تذوّقت غصته، وتمنيت الموت على أن أرى إمامي يتألّم، وهنا أدركتُ معنى " يحزنون لحزننا"، وكان كالقرآن الناطق، فهو وارث الأنبياء.
وقطع حبل ألمي صوت الجيش المقابـل حـين أجابوا : "نعم، أنتَ ابن رسول الله وسبطه"، عجيب! ، إنهم يعرفون من هو، يعرفون أن جده هو النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله، إذًا لماذا يقفون في وجهه؟ لماذا يرفعون سيوفهم أمامه ؟ ، أنسوا أنه سبط نبيهم؟ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُوهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ، أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ؟، ألفُ سؤال راودني ولم أحصل على أي إجابة، وسلب تفكيري صوتُ إمامي حين سألهم:
- أنشدكم الله هل تعلمون.. إن أبي علي بن أبي طالب؟
عندما سمعت اسم أمير المؤمنين عليه الســلام مـن لسانه الشريف، لم أتمالك نفسي، كأنها المرة الأولى التي أسمعُ
فيها اسم أبي ! ، نعم علي هو أبي، وخفق قلبي بحب علي بن أبي طالب عليه السلام في تلك اللحظة الحرجة، وطربت أذني لذكر اسمه، نعم ، حتى في هذا الموقف، ولكن عيني عادت إلى البكاء عندما قال لساني: "ها هو ابنك يا علي، يا أبي، بين يدي الأعداء، أنظر إليه كيف يناشد الـقــوم ويذكرهم بك"، وفجأة خَرَسَ لساني عندما ناشدهم إمامي الحسين عليه السلام وكسر قلوبنا جميعا فقال :
- أنشدكم الله هل تعلمون.. إن أُمّي فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى؟ ا
أجهشت بالبكاء بمجرد سماعي لاسمها، وناجيتها سألتها: "هل ترين ابنكِ يا مكسورة الأضلاع؟ " وتذكرتُ مصاب سيدة نساء العالمين عليها السلام، ولم أتمالك نفسي وأنــا واقف خلف إمامي، هل يُعقل أن هؤلاء هم من أمة محمد ؟ هل يعلمون أنهم يحاربون ابن بنت نبيهم؟ حقا أنا لا أفهم، وكان إمامي يُكمل مناشدته ويسألهم ويقـول:
- أنشدكم الله هل تعلمون.. إن جدتي خديجة بنت خويلد أول نساء الأمة إسلاما ؟
أُنشدكم الله هل تعلمون..
إن حمزة سيد الشهداء عم أبي؟
أنشدكم الله هل تعلمون.. إن جعفر الطيار في الجنة عمي ؟
وكانوا لا يجيبون إلا بنعم، وهذا يعني أنهم يعلمون! بَلْ جَاءَهُم بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ، وكانوا هم من يُلقي الحُجّةَ على أنفسهم بالاعتراف، وهذا هو الغريب، فكانوا يستطيعون الالتزام بالصمت أقلا؟ ولكــن الجــواب بنعم و وقوفهم بعدها بسيوفهم ورماحهم وسهامهم أ أمامه يُعدُّ حربًا، نَصبا، بغضًا، عنادًا، وليس فقط هتكًا لحرمة سيد شباب أهل الجنة عليه السلام، عجيب أمرهم..!
أنت تقرأ
فوزًا عظيماً ..
Historical Fictionآخيرًا تم نقل هذهِ الرواية العظيمة .. الي اتمنى الكل الي تصير عينه عليها . ليبخل ع نفسهُ بعدم الأطلاع ع هذهِ الرواية .. والحمدلله عن نعمة التوفيق لنقلها .. فوزًا عظيماً للرادود أحمد صديق جزاهُ الله كل خير .. تم نقلها الجمعة التاسع من محـرم بحسب الأ...