١٠

14 3 0
                                    

..

جلستُ أراقب إمامي وحبيبي ! الحسين : السلام وأخيرا قد هدأت اللحظات، وتباطات، توقف بكائي . ولكن عيناي متورمتين من اللطم والبكاء، رأيته خرج في جوف الليل، وتبعه أحد أنصاره، أمعنت النظر وإذا به نافع بن هلال، لم يكن كغيره من الأنصار، كان عاشقا متيهما بإمامي، يلازمه دائما، لا يتركه أبدًا، ودائما ما يكون مستعدا لتلبية نداء سيّده، كنتُ أغبطه حقا على هذا القُرب، لحقتها، فلاحظ إمامي لحاق نافع به، فالتفت وسأله عن سبب خروجه

فأجاب :

- يابن رسول الله أفزعني خروجك إلى جهة معسكر

هذا الطاغي

ولاؤه لم يكن اعتياديا أبدا، فزعه حقيقي، يدافع عن إمامه حتى قبل الحرب، حتى في وقت الراحة، يلحقه حتى في الليل، لم يُرد أن يصيبه أي مكروه، وأخبره إمامي بأنه خرج ليتفقد الأماكن المرتفعة والمنخفضة في المكان فقد يستغلها الأعداء للهجوم عليهم ساعة القتال.

قبض الحسين عليه السلام على يد نافع، وكم تمنيت أن أكون مكانه، كم تمنيت أن يقبض إمامي على يدي بشدة، ولكن .. أين أنا من نافع ، فقال له مولاي - هي هي والله .. وعد لا خلف فيه.

ثم وجه إمامي وجهه نحو الوادي المظلم ، وهو : ممسك بيد نافع، وأشار بيده إلى الظلمة وقال:

ألا تسلك بين هذين الجبلين في جوف الليل وتنجو بنفسك ؟

لمستُ حُبّ الحسين عليه السلام الشديد لنافع، فكأنه لم يرد أن يراه قتيلا، أو أنه أراد أن يختبره مرة أخرى، اختبارًا خاصا، وهو يريه ممر الهروب، لا أعلم!... وكنت متوقعا من ثبات نافع، فهو المقرب من إمامي الحسين، لن يتخلى عنه بالتأكيد، وكنت أنتظر منه إجابة تشفي غليل حاجتي للوقوف بجانب إمامي، ولكني تفاجأت عندما رأيته وقع بكل ثقله على قدمي حبيبي الإمام الحسين، يقبلهما بجنون ويقول :

- ثكلتني أمي إن سيفي بألف وفرسي مثله، فوالله الذي مـن بـك عليَّ لا فارقتك حتـى يـكـلا عــن فــري وجري

عمق معرفي لن أصل إليـه مـا حـيـت ، كيـف خاطب إمامه بكل أدب، كيف صاغ هذه الكلمات، كيف يُقسم بالله وبنعمة الحسين عليه السلام عليه ، ما هذه المعرفة؟ ما هذا الوفاء يا نافع.

فوزًا عظيماً ..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن