٢١

15 2 0
                                    

..

تفرق بعض الجمع بين قاعد وراكع وساجد، لهم دوي كدوي النّحل، تمرّ بين الخيام فلا تسمع إلا أصواتا تناجي الله عز وجل إلا العباس عليه السلام.

رأيته راكبًا جواده، مُتقلّدا سيفه، حاملاً رمحه، يطوف حــول خـيــام محددة، كـانـت خـيـام الهاشميات!، أراد أن يدفع عنهم الوحشة في ليلة الوداع يغرقهم في أمانه، يُحيطهم بحنانه

۱۲۳

أمــا حبيب بن مظاهر فقد رأيتـه يـمـزح!، وتعجبتُ من هذا الفعل واستنكر عليه أحد الأنصار فأجاب: فأي موضع أحقُّ من هذا بالشرور!...

تبخر تعجبـي بعـد كلمتـه هـذه، فعلاً .. أي موضع سرور مثل هذا؟، في خدمة إمامِ زمانه وهو راض عنه، بعد أن شاهد منزلته في الجنة بعينيه، مدافعا عن حرم رسول الله صلى الله عليه وآله، فتذكّرتُ التوفيق الذي لم أكن ملتفتا إليه، أنا الآن بين يدي إمامي، وأملي هو أن أقتل بين يديه، وأقطع على حبّه، فالحمد لله على عظيم رزيتي.

بعد موقف حبيب، اشتقتُ إلى سيدي ومولاي الحسين عليه السلام، وأردتُ أن أشبع عيني من مشاهدته، ولم أسأل عــن مكـانــه، بل استخدمت بوصلة قلبي وكنتُ على يقين بأنها لن تخيبني، خطوتُ خطوات ملؤها شغف وشوق، وفي هذه المرة .. ابتسمت رأيته واقفًا من بعيد، تسارعت نبضات قلبي من جديد نعم لم يتعوّد قلبي أبدًا على وجوده، ففي كل مرة أخطو إليه أشعر بأنها المرة الأولى التي سألتقي به، في كل مرة أراه فيها، أشعر أن حُبّي يتجدد، أحبّه إلى حد الجنون!، أحب

صوته، أحب كلامه، أحب منطقه.

اقتربت منه، وفي هذه المرّة كان هناك شيء غريب! كان ينظر إلي فجسده كان موجّهًا إلي كأنه يستقبلني، ينتظر وصولي، فجمدت رجلي، وإذا بي أسمعه يقول:

- أحمد..؟

إمامي .. يُناديني ؟ ، إنه ينادي باسمي، أنا متأكد أنه يقصدني أنا ! ، المشكلة هي أني لا أتجرأ على رؤية وجهه، ترفض عيني ذلك، فأكمل وقال:

- ارفع رأسك..

هل هذا هو الإذن؟ ، أخيرًا!، الإذن لرؤية جمال وجهه المحمدي العلوي الفاطمي ، وأخيرًا أذن لي سيدي ومولاي.

رفعت رأسي قليلاً.. ونظرت إلى كفه المباركة! وأكملت عيناي ارتفاعها.. فرأيتُ نورا يغشي الأبصار! جبرني على إغماض عيني ! ، فسمعت أصوات بكاء ونحيب، وصرخات تعلو شيئًا فشيئًا...

فوزًا عظيماً ..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن