..
عادَ الحُسين عليه السلام إلى أنصاره، ثم دعا لهم مرة أخرى، وقال لهم:
- ارفعوا رؤوسكم وانظروا
فرفعت رأسي ونظرت معهم، ولم أر إلا سماء حزينة كئيبة، تبكي مع بكاء الحسين عليه السلام، تستمع لدعائه، وأحسست أن سيدي أرادَ منا أن نناجي الله عز وجل، وأن ندعو دعـاء المودعين، فشرعت مباشرة في الدعاء إلى إمامي:
" اللهم اشف صدر حبيبي ! الحسين عليه السلام وانصره على هؤلاء القوم، وفقني لنصرته، لطلب الماء لطفله الرضيع لجلب الأمن إلى عياله ونسائه، للدفاع عن حرمه، ازرقني الشهادة بين يديه، على حبّه، ولا تسلب مني ما أنا فيه، فها أنا بين يديه، شاهرًا سيفي مجرّدًا قناتي، ملبيا دعوة الداعي في الحاضر والبادي، لا تحرمني طلعته الرشيدة وغرته الحميدة، كا حلاً ناظري بنظرة مني إليه حتى ولو لم أر وجهه، يا إلهي وسيدي ومولاي . ... لا تستبدل هذه النعمة بغيري ..."، قاطع صوت . حبيبي الإمام الحسين عليه السلام مناجاتي: - هذا منزلك يا فلان " هذا قصرك يا فلان "هذه
درجتك يا فلان
وكان كلّما يخاطب أحد أنصاره، أجده يستبشر، وتظهر ملامح الفرح على وجهه، ففهمت أن إمامي يُريهم منازلهم في الجنة، وعلمتُ أني لم أكن معنيا في الحديث، فخفت .. فربما لن أكون من الشهداء في معسكره، أو ربما سأتركه وأرحل وأتخذ الليل جملاً.
لكني لم أكترث لما حصل ولم أنشغل لعدم مشاهدة
لكني لم أكترث لما حصل ولم أنشغل لعدم مشاهدة
منزلي في الجنة، وحتى ولو كان عندي اعتقاد بأني سأكون في نار جهنم، والله .. لن أترك الحسين، وسأبقى معه، وأنادي باسمه وإن كنتُ في الحجيم، فبقيت معهم بينهم أتحسّر على عدم توفيقي، وأُهيّئ نفسي للشهادة حتى ولو لم تكتب لي الجنة !
وناجيته صلوات الله عليه في نفسي قائلاً: "سيدي ما أفعل بالجنة وأنتُم جنّتي أصلاً؟، يا حبيبي وإمامي رؤياك جنتي ورضاك عني هو فردوسي وقبولكم إياي هو أملي وبغيتي".
وأكمل سيدي خطابه مع الأنصار : - أبشروا بالجنّة، فوالله إنا نمكـت مـا شــاء الله بعد ما يجري علينا، ثم يخرجنا الله وإياكم ، حتى يظهر قائمنا فينتقم من الظالمين، وأنا وأنتم نشاهدهم في السلاسل والأغلال وأنواع العذاب!
هذا تصريح آخر عميق جـدا مـن سـيـدي ومولاي الحسين عليه السلام ، يُعلنُ بالموعود من السماء، الذي سيظهر لينتقم من أعداء محمد وآله الطيبين الطاهرين، ويصرحُ
الحسين بأنه سيعود أيضًا ! ، ليكون معه ! .. المهدي المنتظر . ليشاهد أعداءه وهم مغلّلين بالسلاسل، يعدنا بأنه سيلحق بزمان القائم، هو وأنصاره.
- من قائمكم يابن رسول الله؟
شكرتُ في قلبي صاحب هذا السؤال، أرادت أذني أن تنشغل في الحديث عن هذا القائم، هذا المنتقم لآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين، فأجابه سيدي
السابع من ولد ابني محمد بن علي الباقر، وهو الحجة ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابني، وهو الذي يغيب مدة طويلة، ثم يظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملتَت ظُلما وجورا.
شعرتُ أن روحي قد تطهرت لمجرد الحديث عنه، خصوصا أن المتحدث كان جده الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وشعرتُ بشوق عظيم مختزل في قلب مولاي الحسين عليه السلام ، كأنه يستحضر الآتي في الحاضر فيلتقي به في هذه اللحظة، أحسست أنه أراد أن يشاهد قيام ابنه بكامل التفاصيل.
ولكن .
يا تُرى كيف سيكون لقاؤهما؟، وكيف سيعود الحسين أصلاً؟، وما هي الكلمة الأولى التي سيقولها عندما يلاقي ولده المهدي، وقرأتُ كثيرًا أنه سينتقم ! الأمه فاطمة الزهراء عليها السلام، فهل سيشاهد الحسين عليه السلام هذا الانتقام أيضًا؟، هل سيدلّنا على قبر أ ر أمه فاطمة المغيب؟، هل سنرى الحسين عليه السلام مع ولده المهدي على قبر أمهما؟، كيف سيبكي أبو عبد الله على أمه فاطمة؟، هل سيروي لنا حادثة الهجوم على دار ،أمه؟ هل سيلتفت بعد بكائه على قبر أمه ليبحث عن شيء آخر ؟ ، فيمشي ونمشي خلفه، وإذا به يجد ما يبحث عنه، قبر ليس كباقي القبور، حجمه صغير!، وعندما نسأله يُجيب: "هذا قبر أخي المحسن السقط !".
وننصب مأتما على المحسن الشهيد بوجود المهدي، هل الحسين عليه السلام هو الوحيد الذي سيعود؟، أين سيكون أبوه أمير المؤمنين عليه السلام؟، هل يُعقل أن يعود أيضًا! وهل سأقفُ في جيش قائده علي بن أبي طالب؟!!، وهل سينتقمون ممن قتل المحسن وقتل أمه؟ ، إن كانوا سيرجعون يرجع معهم أعداءهم؟ كيف سيكون لقاؤهم بالأعداء؟،
هل سيحاكمونهم ؟ .. كل هذه الأسئلة شغلتني، و وجدتُ لساني وحده يردّد
- اللهم عجل لوليك الفرج .. وأخرجني مــن قبري مؤتزرًا كفني شاهرًا سيفي .

أنت تقرأ
فوزًا عظيماً ..
Historical Fictionآخيرًا تم نقل هذهِ الرواية العظيمة .. الي اتمنى الكل الي تصير عينه عليها . ليبخل ع نفسهُ بعدم الأطلاع ع هذهِ الرواية .. والحمدلله عن نعمة التوفيق لنقلها .. فوزًا عظيماً للرادود أحمد صديق جزاهُ الله كل خير .. تم نقلها الجمعة التاسع من محـرم بحسب الأ...