الجزء الثالث والعشرون

861 18 0
                                    

البارت 219❤❤


بعد ساعتين :
سند رجع للمستشفى ببرود ، كان يحسّ انه شايل قلبه بيدينه
كل خطوة يتقدمها يحسّ انه يرجع الف خطوة للخلف
دخل وصعد للدور الثاني، مشى الين وصل للجناح اللي حجزه لها ، دخل ودار بنظره عالجناح كامل ، كان فاضي ومرتّب .
سمع حركة خلفه والتفت شاف ممرضة تناظر فيه بنظرات غريبة
سند : وين زوجتي انا حاجز لها هالجناح، هي ماطلعت من غرفة الولادة؟
الممرضة بعيون دامعة : اعتذر منك .. زوجتك ماتت
سند سكت لثواني وقال بهدوء : لو سمحتي، نوف اللي صار لها ساعتين والده جابت توأم بنات وينها ؟ انا حاجز لها هذا الجناح
الممرضة بأسف : صار لها نزيف ادى الى وفاتها
سند رجع خطوتين ويدينه على راسه وعيونه متسّعة من الصدمة ويدينه ترجف .
مشت عنه الممرضة ، وهو واقف بمكانه وكلامها يتردد براسه ، ماصدّق ابد ، مشى بأسرع سرعة عنده يدور الدكتورة اللي ولدتها واللي مسؤولة عنها ، سأل عنها الين وصلها ، وقف قدامها وهو تعبان من الركض وانفاسه سريعة وصعبة قال بتعب : دكتورة نوف وينها ؟
الدكتورة بضيق : يؤسفني اني اقولك نوف ماتت بعد ولادتها
سند انعدمت الرؤيا عنده، حسَ كل شي حوله ظلام، وقلبه دق بسرعة عجيبة لين حسّ انه بيموت وراها ، كثير هذا على قلب واحد ، قلب سند اللي شال من اوجاع الدنيا اثقلها واصعبها، ودع البنت اللي عمره ماحبّها حتى بعد ماصارت اقرب الناس له ، حتى بعد ماعاشرها واكتشف الجانب الطيب منها ، الجانب الطيّب اللي ماطلع لأحد من البشر غيره، كانت تهتم له وتساعده وتخاف عليه وتحاتيه وماتنام الا تتطمن عليه وتتأكد انه نايم، صح انها ظلمت احبّ خلق الله على قلبه، وفرقت بينه وبين ورد وخلقت بينهم مشاكل ، لكن وفاتها كانت فاجعة له ، مصيبته الأولى انها ماتت
ومصيبته الثانية انها تركت له بـنتـيـن .
سمع صوت جاي من بعيد ، صوت وعّاه على نفسه
﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾

مسحت على قلبه .. كانت هالآية عـزاه عن تعازي العالم أجمع
استجمع نفسه ورقع يده ومسح دمعته المتعلقة بطرف عينه وقال بثبات : إنا لله وإنّا إليه راجعون ،اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها.
رحمة الله عليــك يانوف
إتجّه للحضانة علشان يشوف بناته ، ماكان عارف كيف يتصرف ، ولا له حيلة ..
تذكـر قبل 20 سنة لما شال ورد وهي واهتم فيها طفلة الين كبرت على ايدينه ، ابتسم بألم وهمس : اللي ربّى بنت غيره وعشقها ، ماهو عاجز يربي بناته ويحبّهم ..

البارت 220❤❤

بعد مرور اربع سنوات :

بالمطـار ، كان سند واقف وينتظر طيـّارة العودة لأرض الوطن
كان مشتاق له، ومشتاق لأهلـه ، ومشتاق للي ولا يوم مااشتاق لها " وَرد " ثلاث سنين ونص ماغيّرت بداخله شيء ، الا يمكن زاد حبه لها ، رغم انشغاله بدراسته وبتربية بناته ، ورغم ان كان وقته مزدحم جداً وكان يحاول يوازن بين اهتمامه بدراسته وبين اهتمامه ببناته ، الا انها كانت معاه بكلّ رمشة عين .
تخرج بدرجة الماجستير ، وهذا الشيء الوحيد اللي استفاده بعد فراق ورد وبعد مارزقه الله بـ بناته " ورد و جوَانا "
كانت حياته جميلة فيهم رغم صعوبتها ، الا انها مرت بسرعة وشافهم يكبرون ، كان حاط لهم مربيّة وساعدته كثير اوقات دوامه وانشغاله ، لكن ماغاب عنهم ولا ساعة .. كان يشوفهم هديّة من رب العالمين ، يحبهم كثير ولا يميّز بينهم لكن " ورد " كان لها مكانة خـاصة ..
التفت لهم وهم واقفين قدامه ويلعبون مع بعض واصوات ضحكاتهم مالي المكان كلّه، احجامهم وجمالهم وبراءتهم كانت تغنيه عن الدنيا كلها ابتسم لضحكهم ونزل راسه وهمس من قلبه : الله يرحمك يانوف ..

سحابة لو حملت جبال، وحلوة لو شربت المر!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن