10

276 23 12
                                    

التفتت حكمت وايفا في وقتًا واحد للنظر إلى بلايو الذى أقتحم الغرفه بدون إنذار أو استأذان أو خجل.

وكان يقف بهيبته وطول قامته وشعره الأشيب واضعًا يده في جيبه وكلتاهما تنظر ولكن إذا قلنا أن الأتفات كان واحدًا فالأنظار لم تكن واحده أبدًا وقد أختلفت بأختلاف المشاعر والتفكير.

فإذا نظرنا إلى ايفا سنجد أنها نظرات قلق وخوف مشوب بالرعب من دخول بلايو المفاجأ ومن توتر المكان والهواء حولها و
نضيف أيضًا قلق من تلك النظرة النارية التى أحرقتها لأنها أغبى من ما تصور ولم تستطع سحب أى كلام مهم وأهتمت بهذا العطر وهذا الزيت وأحمر الشفاه بمنتهى الحماقة والبلادة ولو أرسل طفلاً بحفاض لأوقع جوليانا في الكلام ولن أقول أن جوليانا ذكيه في هذا الموقف بل ايفا مجوفة الراس وغبية.

وأما عن جوليانا فكانت انظارها حاده وقوية تُجاه بلايو الذى لا تقل نظراته حده عنها ونُضف أيضًا الخبث والمكر والدهاء النابع من مقلتيه التى تحتاج للتمزق، ودائماً منذ أن كانت طفلة تأتي إلى بيته مع أبيها تسأل نفسها لما في عينيه نظرة الأزدراء و الأحتقار ليس لها أو لوالدها فقط بل لاى شخص أقل منه ولو بدرجةً واحدة، وكأن البشر جميعًا خُلقوا من طينة وهو من لؤلؤ أو ذهب، وكان ما يثير حيرتها عندما تسأل نفسها لما والد بلايو لا يعاملها بنفس الطريقه وكذلك حنا ولم تجد أجابه تروى عطش فضولها وتُشبع جشعه حيرتها.

وإن سالت والدها كان يكتفى بانه لا يعرف وليس مهمًا أن يعرف ولكن الآن فقط ستعرف ولن تدعه يخرج من تلك الغرفة إلا وستحصل على إجابة محددة.

كسرت هذا الصمت وتلك الشحنات العشوائية المتضاربة صوت بلايو قائلاً وهو يعيد سؤاله وعينيه تنظر إلى حكمت بعبث: لم تُجيبى ما هذا النعيم الذى يعيش فيه حنا؟ لعلى اتى وأعيش هنا أيضًا.

قاطعته ايفا قائله باندفاع به القليل من التوتر: أنا كنت أُجرب بعض العطور و....

قاطعها بدون اهتمام وأشار براسه للباب قائلاً بأمر قاطع: ايفا للخارج لو سمحتى هيا.

أمتثلت لأمره ونكست رأسها ومرت من جانب جوليانا وألقت نظره أخيرة عليها وكأنها أعتذار أو وداع لا تدرى لتخرج وتترك النار والقار بحوار بعضهما البعض.

وما أن خرجت حتى تسأل بلايو الذى نظر لها مُتفحصًا ومتمحصًا قائلاً بهدوء يلاعب الاعصاب: أراكى تُكثرين من اللون الابيض في لباسك، ألا تعلمين أن الملك سن قانون يُجرم أرتداء اللباس الأبيض بكثره؟

أمات براسها وعينيها بها صلابه وقوة لم تحيد عنه وعن تفكيره قائله بهدوء: بلا أعلم لكن هذا مجرد وشاح وغير هذا أحب اللون الابيض ولم يُسن قانونًا يُجرم حب ارتداء الابيض.

زم شفتيه وهز راسه مُدعيًا الأقتناع ثم تابع قائلاً وقد قطب جبينه قليلاً: والصابون؟

عقدت يديها التى بدأت ترتجف قليلاً خلف ظهرها حتى لا تفضح قلقها قائله بهدوء: أبى كان يعمل في بيوت النبلاء وأختلط بهم ومنهم أخذنا عادة استخدام الصابون.

وسقطت حكمت! |  The fall down of Hikmat! ✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن