22

214 26 68
                                    

فتحت عينيها ولكن ياليتها لم تفعل وهي الآن تزيد من حسرتة وندمة ألاف الحسرات وهو يرى عينها اليسرى التى انقلبت بكاملها إلى البياض واختفى منها قدح القهوى الذي سلب لُبه وقلبه وشغل عالم أحلامه وكم تغازل به وغنى له وقد خسرته مثلما خسرت كل شئ حولها.

  يريد أن يصرُخ! يُحطم! يُدمر! يقتُل!

  كل من ساهم ولو بالمشاهدة والصمت على ما وقع علي رأس حبيبته.

  والآن فقط يا حنا أنت تشعر وتتألم مثل البشر وشعرت بفجاعة وبشاعة ما تفعله بالأبرياء مثل حكمت؟! ولأنها غالية عليك فقط ما كنت اشفقت عليها.

  كانت نزعة الغرور وداء العظمة المُسيطر على المكان بدأت تكبر في قلبه وقساوته زينة له الجلوس على عرشه الفاخر لتفتح عينيها وتراه فى ما هو فيه جاه وعظمة، لكن رؤيته لعينها وحالتها السيئة تلك كانت بمثابة الصفعة على وجه النائم الغارق في بحر عسل من النوم.

  ركد! نعم ركد إليها وقد استسلمت هي أخيرًا إلى عناقة ويديه التى قد طوقت خصرها بتملك شديد وراحه وقد وجد السلام الغائب عن عالمه أخيرًا.

   اما هي فقد تعلقت بعنقه بقوة مثل الغريق الذى قد تعلق بقشه بإيمان ويأس حتى ينجُ من الكرب والبلاء، ولا تفعل شئ سوى البكاء والإنتحاب بقوة وكأن روحها سترحل إن لم تفعل!

   وقد كان الأمر كذلك، وكيف تبكى وقد قُتلت إمرأة ليلة أمس بسبب إصابتها بالربو وارتفاع صوت سعالها؟!

  حاول النظر إلى وجهها لكنها شدت على عناقه قائله بتية وخوف: لماذا تركتنى ورحلت... الغرفة مظلمة وأنا أخاف الظلام... أريد العودة لأمى واخى... لا تتركنى يا حنا أنا أحتاجك... لا تتركنى مرة أخرى... قلبى يؤلمونى... رائحة الموت حولى لا تتركنى... أريد أن استحم وأمشط شعرى.... اه! لقد حرقوا شعرى يا حنا... لم يعد لشعرى وجود... لقد فقدت عينى... أصبحت مشوهة بشعة.

   ابتعد قليلاً وكور وجهها بين كفيه وابهامه يمسح دموعها تلك بأصابع مُرتعشه من قوة اللحظة قائلاً بحنان وصدق: لا بل مازلتى جميلة، هم المشوهون والبشعون، لكن لا يوجد من هى أجمل منكِ، شعرك سيعود، وستخرجين من هنا هذا وعد حبيب حر، فقط اخبرينى ماذا حدث؟

  مسحت انفها فى طرف ثوبها الخشن واردفت بصوت مبحوح من البكاء: بلايو عرض على ترك أوروبا وأن ابتعد عن طريقك أو وأنه سيستمر فى اذيتى واذية عائلتى، ورتب لنا في مركب ذاهبة للمغرب.

   ثم توقفت للحظه وهي تلتقط انفاسها ثم تابعت تحت اهتمامه وغضبه الجلى من بلايو: عند رجل يُدعى درياح خطابي وفي الطريق تعرض لنا الجنود أمى وأخى هربوا وأنا لم أستطيع الهرب.

   قبل جبهتها واعادها لاحضانه قائلاً بحنان: حدث ما حدث اهدئى أنا ساجد حل لإخراجك من هنا فقط توقفى عن البكاء وإن سائلك أحد قولى كنت أستجوبك.

وسقطت حكمت! |  The fall down of Hikmat! ✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن