كانت عينى حنا الزرقاء أشبه ما يكون لزُرقة العما عافاكم الله من صدمته ومن هول شدة وصعوبة المشهد أمام عينيه وهو يرى بركة دماء كبيرة انتشرت في الأرض مثل النار في الهشيم ولطخت جدران المدخل بغزارة وفوق هذا هناك بعض الاشلاء الأدمية من جثث المغدورين تناثرت في المكان وقد كان مدخل المركز أقرب للمجزرة من ساحة الحرب والنزال.
اقترب حنا ببطء وخوف وتوجس وقد أخذ يرتل الأدعية وينذر النذور حتى يكون ما يفكر به خاطئًا ولم يحدث أو لعله الآن في كابوس سيئ وبشع سيستفيق منه الآن ما أن يحدث شئ خارج عن توقعه لكنه لم يستفيق ولم يحدث شئ بل صدق حدثه وأصبح كابوسه حقيقة وأمر واقع ونافذ.
كانت الجثث لثلاث عساكر وادواردو صديق عمره وتؤمه الأول الذى منذ أن تعرف عليه اثناء الخدمه العسكرية لم يفترق عنه ولا عن ديغو أيضًا لكن ادواردو مختلف، فلم يكن صديقًا وحسب بل كان الاخ الأصغر الذى لم تُنجبه أمه، كان قطعه منه ارتبطت برباط طاهر وصافى يخلوا من الحقد أو البغضاء أو الكره، وكأن الله قد قذف في قلوب بعضهم البعض الاخوة والتراحم.
جلس حنا على ركبتيه ونظر حوله بدهشة وكأنه في حلم ويحتاج إلى اثبات ذلك لكن ديغو الذى كان مصاب في جبهته ويجلس في زاويه المدخل يبكى وينتحب بقوه مثل الاطفال على فقدان صديقه أكد أن كل هذا لم يكن حلم بل الحقيقة الكاملة بعينيها.
بأيدى مرتعشة أمسك حنا قميص ادواردو الملطخ بالدماء وقد فقد ذراعه بسبب قربه من القنابل الشديد وتحسس وجه صديقه ودموعه الأبية قد نزلت أخيرًا ما أن لامس قميص صديقه وقد تذكّر يوم زفاف ادواردو وكم كان خائفًا من خوض تلك المغامرة الجديدة واخذ حنا يمثل امامه دور الرجل وديغو دور الأنثى ليعرف ماذا سيفعل والآن قد رحل أطيب قلب بينهم، وهنا قد أفاق حنا من صدمته لتخرج معها صرخة عاليه هزت ارجاء المركز والحى صارخًا باسم ادواردو وقد أخذه إلى احضانه وهو يودعه قائلاً بألم: اخى! لماذا يا اخى لماذا فعلت هذا لماذا لم تصمد اخبرنى؟! اه! يا اخى، مازال العمر أمامك لماذا رحلت لماذا؟ من سيمرح معى ومن سيربى اطفالك؟! اه!
صرخ بقوة والم وقد انتفض من مكانه واثبًا مثل الأسد الجائع بين قطيعه ناحية فريسته ولكنه الآن ذاهب إلى ناحية جنود الكنيسة بغضب وقد أمسك أحدهم من تلابيب قميصه وظل يسدد له اللكمات بقوة ووحشية وينعتهم بأبشع الألفاظ ولم يثنيه عن هذا إلا بعض الضباط والعساكر الذين أبعدوه عن الجنود بتعقل بحجه أنهم سيموتوا ويجب التحقيق معهم اولًا، صرخ حنا بالعساكر الممسكين بجنود الكنيسة قائلاً بغضب ودموعه لم تجف: هؤلاء الكلاب يبدأ التحقيق معهم فورًا وبعد أن يدفن زميلكم يحالون إلى المحكمة وإياكم أن يهربوا، واحضروا طبيب للمصابين وأخبروا أهالى المصابين والضحايا.
---------------------------------------------------------------------------------------
"كإنسان تعزيه أمه هكذا أعزيكم أنا. إن عشنا فاللرب نعيش وإن متنا فاللرب نموت فإن عشنا وإن متنا فاللرب نحن. الذين يعزينا في كل ضيقتنا حتي نستطيع أن نعزي الذي هم في كل صيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الرب " هكذا القى أحد اقرباء ادواردوا العزاء في الكنيسة أثناء مراسم القداس الخاص به.
![](https://img.wattpad.com/cover/287301117-288-k673488.jpg)
أنت تقرأ
وسقطت حكمت! | The fall down of Hikmat! ✔️
Historical Fictionالرواية فازت بالمركز الثالث فى مسابقة كأس الإبداع للعام ٢٠٢٣. شكراً لفريق رواء على الغلاف الرائع. حاصلة على المركز الاول في #حكمت #الأندلس #جوليانا بتاريخ 23/10/2023 هى جوليانا او حكمت لن يفرق الامر كثيرًا لكن المهم انها لم تكن تريد تلك الحياه اب...