الفصل الثامن

80 13 5
                                    

الفصل الثامن
..............
بقي جواد على الشرفة مايقارب ساعتين وهو يتأمل في فراغ الغابة وهدوئها الساكن فتارة مايفكر في تلك الفتاة التي في صورة الاسوارة وتارة يغادر عقله في وجهة مجهولة عن مصيره ومايعقب إختبائه وراء الأشجار حتى أصوات المترصدة بدت تشغله.

تنهد قليلا يثبت كفيه على مؤخرة رأسه ليقابل وجه الشمس الساطع يبرز من خلالها تقاسيم وجهه بوسامة ، ظلامة عينيه محيطة بأهذاب مكثفة ثقيلة وأنف حاد مع لحية خفيفة ملْفِة جمالا لقمحية بشرته .

اخيرا إكتشفنا ملامح وجهه المغطاة وذلك بفضل نور الشمس وأما بالنسبة للآخرين سيكلف حياتهم لمعرفة وجهه.

وثب من مقعده وأخذ خطوات متثاقلة نحو باب شقته ليغادر البناية كعادته يحتاج لرفيقه العم صالح لحرق ضخامة أفكاره.

نزل السلالم فقد كانت شقته في الطابق الثالث حتى وصل إلى البوابة الكبيرة للخارج نزل منها يدوس على أعشاب الخضراء بعد أن غط رأسه ويداه تحضن جيوبه من برودة الجو.

تمشى بضعة خطوات وفجأة لمح شخص من الأمام يحاول إختلاس النظر إليه ولكن فشل صاحبه لأن جواد تجاهل موقفه وتابع سيره .

إلا أن وصل لذلك الطيف واستدار للخلف وأقبض على صاحبه بدفن كفه على انفه وفمه ويده الأخرى ربطت كلتا يديه بطريقة احترافية بعد عدة محاولات لفك قيده ولكن جواد كان أقوى من ذلك أخذه معه إلى شقته يعود ادراجه للأعلى وهنا ستبدأ رحلة البطل جواد الراتبي.

............
في مطعم فاخر
أمسك علي يد نور بعشق هائم يطالع عيونها العسلية وأردف بنبرة مليئة بالحب : لدي خبر مفرح لك حبيبتي.

ابتسمت نور بخجل واحمرت وجنتيها تقول: إذا ماهو ؟

لمعت مقلتي علي بسعادة وقال : بعد شهر سنحدد موعد زفافنا إن شاء الله.

شهقت نور بعدم تصديق وهتفت بصوت مهزوز: حقااا ؟؟ ياللهي كم كنت أنتظر هذا الخبر بفارغ الصبر.

ابتسم لها بخبث وقال: كنت تنتظرين هذا الخبر أم يوم زفافنا .

بلعت ريقها بصعوبة وقالت بصوت مبحوح وبخجل : كف عن مضايقتي علي فأنا أخجل من كلامك.

قهقه علي وهو يطالعها بقلب ينبض سعادة : حسنا عزيزتي كما تشئين أمم وماذا ستطلبين للأكل؟
أجابته بهدوء مصطنع: أريد حساء وبعض من اللحم وعصير التوت بالنعناع.

هتف علي بعد إصغاء لها بتركيز : هل نسيتي شيء آخر عزيزتي.

رمقته بحنق وقالت: هل تسخر مني ياعلي
ثم عبست وجهها تقول : لا أريد شيئا فأنا لست جائعة
قهقه الآخر وأمسك يدها بلطف مجددا يهتف بعشق: كم أعشق عبوسك ياطفلتي.

ضربت كتفه وقالت بغضب مزيف: أنا لست طفلة .
أومئ لها بنفاذ صبر: لست طفلة بل أقصد طفلتي يامعتوهة لماذا لا تفهمي هذا.

.............. ...

دخل باب شقته وقبضتاه محكمتان على صاحب المترقب بينما هو يبتسم بخبث على أنه أقبض عليه وسوف ينهي حياته دون ريب في ذلك .

تقدم به إلي غرفة الجلوس وألقاه على الاريكة وقد كان يغطي نصف وجه بوشاح أسود ولكن جواد تعمق في التحديق داخل عيون صاحبه حتى انقبض قلبه من الاعماق والآخر على نفس المنوال .

لا يعرف جواد لماذا عندما التقيا نظراتهما شعر بضيق في صدره وكأن تلك العيون يعرفهما سابقا أين؟؟؟ لا يدري.

نزع الوشاح الساتر على نصف وجه المترقب وكانت صدمة جواد كالصاعقة بما يطالعه: هل حقا من كان يترقبني يظهر فالاخير أنها فتاة ؟؟.

رمش أهدابه لمرات عديدة من كم الهائل لصدمته وبقى كالجليد في مكانه .

والغريب في الأمر أن صوتها لم يكن واضح من أنثونتها عند أنينها ولم يعير إهتمام نبرته إلا عندما أكتشف وجهها .

بعد إنتهاء النظرات المطولة للحظات كسر ذلك الحاجز صوتها الانثوي فقد شل أطرافه السفلى لدى جواد من نعومته فقد صرخت في وجه بغضب كبير : أيها القاتل لن تفلت من يدي هذه المرة .

جثى على ركبتيه ليصل إلى مستواها وتنفس الصعداء ليجيب عن صراخها المزعج : صوتك مزعج ياقزمة.

اتسعت مقلتيها بصدمة من رده الصاعق والكم الجليد الذي يحتويه لتجيبه بوجه محتقن وسبابتها تقابل وجهه : يامختل أحترم نفسك لأنك في الآخير ستنهي حياتك في أركان السجن.

أبتسم لها بزدراء وإستفزاز وتقدم وجهه يحدق لسبابتها بتحدي وقال : هل هذه القزمة تهددني بدخول السجن ماذا تعنينه يااا ؟؟قزمة أقصد.

نزلت إصبعها ترجع رأسها للخلف فقد جفت اوصالها من قربه ولكن أجابته بحنق: كف عن مناداتي بقزمة فأنا "ريتان  عبيدي " فتاة تطمح للقبض على من قتل والدها وهاهو أمامها لا يعرف كيف يدافع على نفسه بكلمة واحدة .

بقي يطالعها بعمق في بؤبؤ عينيها ولم يهتف بكلمة بعدها مما جعلها تتوتر من موقفها وتابعت حديثها لعلها تسيطر على وضعها: وبإعتباري محامية سوف أكلف حياتي على أن القي على قاتل أبي وأخي في السجن طيلة حياته دون نافذة.

زفر أنفاسه في وجهها مما أرعبها ذلك ووقف يسير إلى الشرفة يطالع الأشجار ويستنشق رائحة الطبيعة بعد أسره رائحتها الزكية جعلت قلبه يستنجد من فرط الدقاته.

تركها تجفل في وضعها المربك لا تدري كيف ستنقذ نفسها من هذا المجرم أو لربما يقتلها في أي لحظة لا محالة.

رن هاتفها بصوت صاخب وهو في جيب سترتها نظرت له بخوف عندما تقدم لها مجددا يطلب منها أن تعطيه الهاتف بإحترام منه وإلا سيأخذه عنوة منها.

ريتان لم ترفض طلبه فقد نفذته بقلب يرتجف .
مع هدوءه الغريب فقد بدت تفكر كيف تتجاوز هذه المرحلة فأنها وقعت في فخه بسذاجة تفكيرها وتذكرت حذر النقيب ذياب عنه ولكن عنادها أوصلها إلى مالا يحمد عقباه.

آلَوُجَهِ آلَمِظٌــــــــلَمِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن