لا وجود لغيوم رعدية وسط هذا الظلام و الهتان بالخارج مزج الطمأنينة التي تخالجني بدفئ الشتاء،راقبت الماء السارح على زجاج النافذة فلسعتني حرارة الفنجان الذي بين يداي لأبعد أناملي المحيطة به أتمسك بمقبضه...شعرت ببعض البرودة تتسرب من فتحة النافذة التي خلفي رغم نار المدفأة المتقدة فمددت أطراف أناملي أسحب الستارة قليلا ثم دحرجت عيناي نحوهم أشد وشاح التويد حول كتفاي أغدقهما دفئا...
كان الجميع هنا، والدي،أمي...شقيقاي و السيد ألبيتي هناك بجانب أبي يحاول مجاراة أبي في الشطرنج و جون بجانبهما يأخذ دور الحكم و الشاهد...
حولت بصري نحو المقعد الذي بجانبه، فارغ...بارد يفتقد صاحبه...كيف يمكن لشخص واحد أن يسحب الدفئ من ذكريات رثة ليجعلها باردة لن تحيا و لن تبقى؟
كيف ترك ليون كل هذا...كيف تركنا؟
تنهدت أقرب القدح من ثغري أهش ببطئ حتى تشكل الفوار كثعبان بري أمام ناظري...
ارتشفت قليلا من القهوة و قد تفشى مذاقها الحلو القوي على طرف لساني...كان مذاقها مغايرا...و كأنه يحمل لمسة خاصة...
الأشياء حينما تصنع بحب يكون لها مذاق مختلف...
َو ربما لأن أمي تضع لمسة خاصة في كل شيء...
جلست بجوارنا نحن الفتيات تحاول تعليم روز الحياكة...ثلاثتهم يحركون عدة الحياكة بين اناملهم.
روز تدقق في كل حركة تقوم بها والدتي و كاترينا تثرثر بجوارها عن أي شيء و كل شيء حتى أنها أقنعتها بزيارة متجر القبعات الفرنسية الذي افتتح مؤخرا في أقرب وقت...كاترينا كانت ذاك النوع من الأشخاص الذي يحدثك رغما عنك... و دون وعي منك ستتجاوب معه...
ربما روز ستجد هنا الآذان الصاغية بدلا من الأذن الصماء...
لا أعتقد أن هناك من يولد بفرشاة سوداء...الجميع في مرحلة ما ملك جميع الألوان بيديه لكنه اختار السواد ليلطخ به من حوله و ليجرفهم نحو الأوحال...
اختطف جوناثان نظرة نحو كاترين ثم نحوي و هو يتابع مباراة الشطرنج بين أبي و العم ألبيتي...تلك النظرة ترتسم على محياه كلما أراد الاطمئنان علينا...
لقد كان يتأكد أننا نشاركهم الأجواء و لسنا شاردين في شيء...
الأخ بحياة الفتاة بيده أن يكون قدوتها،حبها الوحيد و أول شخص تفكر به إن استصعبت شيئا...بيده أن يكون الكتف و الثابث الوحيد في حياتها...بيده أن يسعد شقيقته بدلا من إسقاط قيمتها كلما سعت هي لرفعها...
أرجعت بصري نحو روز و كاترينا و لسبب ما...لم أخبر كاترين أن ترعوي عن ثرثرتها مع روز...
أشعر بأنها فارغة تحتاج لـالكثير من الأحاديث و المشاعر،تحتاج أن يوجه لها أحد الكثير من الكلمات وسط العديد من الأشخاص...
بحاجة لأن تشعر أنها هدف مُحادِث...بأنها براقة مرئية و بلون...
VOUS LISEZ
لقاء في مارسيليا
Romance"سيد ستيفان باسكريف، بِكل رُتبةٍ مدنيةٍ لديك ستظل مُجرَّداً من حقِّ التطاول على أخي!" كانت عيناي لا ترى سواه واقفا بوجه ساخر و أذناي لا تلتقط سوى تمتمته الهازئة.... قبضت على أوراق الصحيفة بيدي حتى تجعدت و الخَرور تلامس عنقي ،تلاعب أطراف ثوبي بسكون...