ضرِيبَة

8.5K 644 640
                                    

أنا خائفة بل هناك مشاعر أكثر سوادا من الخوف بداخلي...
رفعت عيناي نحو النافذة لعلي ألمح هيئته لكن لاشيء غير الظلام.
ما الذي أخره لهذا الحد؟لقد تمادى...تمادى كثيرا هذه المرة.
إني أشعر بخافقي يخفق باضطراب،ضغطت على كوب الشاي الذي بين يداي و لمحت أنامل أمي التي ترتجف على الإبريق حينما حاولت سكب الشاي لوالدي.

إنها الحادي عشر و في هذا الوقت أكون في سريري أقرأ كتابا أو أكتب شيئا بينما الكل نيام،لكن...جميعنا الآن نتظاهر بأن كل شيء على ما يرام و أن عدم عودة جوناثان في أوقاته المتوقعة شيء لا يستدعي القلق.

"سأذهب للبحث عنه"

"دعني آتي معك أبي!"

هتفت دون نية لـالتراجع، اقتربت منه أتمسك بذراعه أستعطفه؛ لن أستطيع المكوث هنا و أنتظر عودتهما إما بخبر جيد أو سيء...
تقدم السيد ألبيتي مني يبتسم ابتسامة دمثة قائلا...

"انتظرا! فرانسوَا ألا تبالغ في الأمر قليلا؟ هو شاب ناضج و يميز بين ما يضره و ما هو خير له،خفف من خوفك قليلا لربما التقى بصديق أو لديه التزام آخر..."

لربما السيد ألبيتي على حق،ربما نحن نبالغ فقط...
شعرت بالخوف الذي بداخلي يتقلص كأنه جوع هدأ.

تنهيدة ثقيلة حادة غادرت ثغر أبي فمسح بإبهامه بين حاجبيه و تحدث...

"إطا لم أشعر بعكس ما تقول يا ألبيتي؟!"

تراجع خطوة لـالخلف و أخذ يقترب من النافذة يزيح الستار قليلا و قد لمحت بعينيه ترقبا شديدا،تكتف مستديرة نحو أمي التي اقتربت من أبي تبتسم و كنت أشعر بذلك...بأنها ابتسامة قلق و خوف كبير.

أنا على حق...

"ألبيتي على حق،جوناثان أضحى شابا بطولك لا يجب المبالغة في حمايته،أرجوك لا توبخه حينما يعود."

أمي تواسي نفسها بهذا الحديث...جوناثان أيها الوغد إن كان تأخرك استهتارا سأحرمك من العسل لبقية حياتك...
و إن لم يكن الأمر كذلك...

مسحت بيدي على عنقي،أشعر أن شيئا يخنقني هناك،أشعر بالبرودة...

هل من المعقول أن سكيرا تعرض له؟ لربما قاطع طريق و مرتزقة؟
الجرائم موجودة و جوناثان شخص لن يرضى بأن يتنازل على محفظته لـالسارق...

لا لا لا تفكري في أمور سيئة خذي نفسا...عميقا...ثلاث مرات متتالية هيا...

شهيق عميق و زفير ثلاث مرات و سأهدأ...

جعدت ثوبي بين قبضتاي،كلما أغمضت عيناي كلما تخيليت جوناثان في مشاهد مروعة...كل شيء يدفع بي كل الدفع لفتح الباب و البحث عنه بين أزقة مارسيليا الآن و حالا دون تكاسل أو محاولة خلق بحجج واهية.

استشعرت حركة بجانبي فاستدرت فوجدتها كاترينا و كانت نظراتها تحاكي نظرات أمي،كانت تسمح على ذرعيها و قد اختطفت نظرة خلفي نحوهم لترجع بصرها نحوي؛بللت شفتيها فشعرت أن حديثها لن يحمل بشرى...بل النقيض تماما.

لقاء في مارسيلياOù les histoires vivent. Découvrez maintenant