الفصل الرابع

82 2 1
                                    

نعمة بارتعاب جسيم:
_ده...ده...

جلال بصوت حاد:
= انطقي مين ده؟

حاولت نعمة أن تتمالك أعصابها، فقالت برهبة:
_جرا ايه يا جلال ما تقفش جنب أختك زي مانا واقفة جنبك؟

نطق جلال بحصافة:
=قولي كده بقى وانا أقول عايزه الجوازة تمشي ليه، بترشيني يا بت علشان أوافق عليه؟

وفي هذه اللحظة المشحونة بالتوتر، أدرك جلال بوضوح أن نعمة تقف جانبه في قرار زواجه من ليالي، وأنه ينبغي له أيضًا أن يقف إلى جانبها في قرار زواجها من حبيبها. تعبيرًا عن هذا التحول المفاجئ في وجهة نظره، همست نعمة بخوف متزايد:
_لا يا جلال ياخويا على العموم انت جوازتك في ايدي عكها معايا ووريني هتتجوز ازاي!

تشبث جلال بذراعها بقوة، وقال بصوت حاد:
=بتلوي دراعي يا بت؟

نعمة بتألم:
_ في ايه يا جلال؟ ماتسيبني أفرح.

جلال بصياح منين في وجه نعمة:
=اجري على البيت مشوفكيش برا!

فرت نعمة مُسرعة، كما لو كانت تهرب من فخ ينتظرها في الظلام، قبل أن يتسلط عليها العنف! وعندما وصلت إلى المنزل، كانت دموعها تنهمر بحرارة كأنها نتيجة للألم الذي تسبب به هجوم جلال. فعندما رأتها أم الديب، تعجبت من حالها، ومدت يدها بلطف لتضعها على كتفها، قائلة:
_مالك يا بت راجعه مهرية من العياط كده ليه؟

وأثناء مسحها لدموع نعمة، حاولت تهدئة مشاعرها الحارة وإخفاء الألم الذي يؤرقها، قالت بصوت ينطلق من داخلها بقوة:
=مفيش حاجة ياما.

أمسكت أم الديب بيد نعمة بقوة، وبنبرة حادة، قالت:
_كده ومفيش؟ أمال لو في بقى؟

بينما صمتت نعمة، تابعت أم الديب حديثها بثبات:
_خشي غيري، عشان تجهزي الأكل، ألا آني مش هقدر أقف على رجلي وأعمل حاجة، آني خلاص كبرت وبقيت صحتي على قدي.

ردت نعمة باستياء:
=ماشي ياما.

ثم انصرفت إلى غرفتها لتبدأ في تبديل ثيابها، فدخل أحمد من بوابة المنزل، حيث تأملته أم الديب بدهشة، وقالت بفضول:
_كنت فين يا ولا؟

رد أحمد، وهو ينظر حوله:
=كنت على القهوة، أمال هدومي فين؟

ردت أم الديب بلا مبالاة:
=هدومك في الزريبة.

أجاب أحمد بسخرية:
_وياترى المرة دي هلاقيهم وسط الجواميس، ولا هلاقيهم في قاعدة الحمام؟

خلعت أم الديب نعلها بقسوة، مُتلهفة لتوجيه الضربة، لكن هرب أحمد بسرعة وخرج من الشقة، تاركًا الجو مليئًا بالتوتر، والغضب المتقاطع. ركض بسرعة نحو الحظيرة، حيث فتح الباب بعجلة وصعد إلى الطابق العلوي، وجلس على السرير المُتهالك، الذي تعانقه الأتربة والصدأ. أخرج هاتفه القديم، الذي اقتناه بتقسيط من المعلم حنفي، حتى لا يكون أقل حظًا من زملائه بالجامعة. حاول جاهدًا البحث عن حساب جميلة، وبعد محاولات مضنية، وجده أخيرًا، فابتسم بفرح غامر. وأثناء تصفحه لصفحتها، كانت الصدمة تنتظره، حيث اكتشف أن جميلة تدرس بنفس الجامعة التي يدرس بها، ولكن في كلية الإعلام بينما هو في كلية التجارة.. نطق:
_ده ايه الصدفة دي؟ أما أشوف هي في مدرج كام!

أم الديب الجزء الأول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن