بعد أن غرزت أم الديب سن الإبرة في ذراع ليالي، أخرجته برفق كمن يسحب نسمة رقيقة من بحر الصباح، وقالت بابتسامة كالفجر الباسم:
_ايهي سلامتك يا بت...يلا هفكك وارجعي لأبوكي وأمك، وأوعي يا بت يا ليالي تحطي لقمة في بوقك ألا هتفرقعي، اختاري حل من الاتنين، يا تاكلي وتفرقعي يإما تموتي من الجوع.ردت ليالي بإعياء:
=أه...منك لله.فكت أم الديب قيود ليالي، فعادت إلى منزل عائلتها، تتكئ على الحائط كطائر جريح يحاول الوصول إلى عشه، تمشي بخطوات متعثرة، فأمسك بها عم سلامة وقد ملأته الدهشة، وقال:
_مالك يابتي فيكي ايه؟ردت ليالي بإعياء:
=حماتي ادتني حقنة يابا.نطق عم سلامة بصدمة:
_انا مش فاهم حاجة!بينما كان جلال يجلس في زاوية الغرفة، كانت مي تلتصق به كظل لا يفارقه، تهمس إليه بنبرة ملؤها الحب:
=افتحلي قلبك يا جلال، وادي لنفسك فرصة تحبني!رد جلال بانفعال:
_ديك أم دي كلمة مش حافظه غيرها، سيبي جلال في حال اللي جابوه...انتي ايه؟أجابت مي بدلال مصطنع:
=آني بحبك يا جلال.رد جلال بسُخط:
_وجلال مش بيحبك، هو بالعافية؟ ايه رمي البلا ده؟غادرت مي، وقد اشتعل في عينيها بريق الغضب، وقالت بصوت متحشرج:
=هقول لخالتي، وهي تتصرف.سحبها جلال نحوه بقوة، وصرخ قائلًا بصوت يملؤه الامتعاض:
_أمي لا.في شقة نعمة، كانت تجلس مع زوجها على الأريكة، يتبادلان أطراف الحديث في جو هادئ، وودي، حيث انعكست أضواء التلفاز الخافتة على وجههما، فقال حامد لها وهو يلمس يدها المرتاحة على الأريكة:
=ماتنزلي تشوفي أمك عامله ايه!ردت نعمة بقلق:
_مليش دعوة بأمي ألا تمسك فيا وفيك...خلينا هربانين جوا أحسن.نطق حامد بسخط:
=دي ولية هم.تفوهت نعمة بصوت حاد:
_ماجرا ايه يا حمو؟ متنساش إن دي أمي!رد حامد باهتياج:
=أمك مبهدلة الدنيا يا نعمة.تنهدت نعمة، وقالت:
_على رأيك...آني هروح أول مايطلع النهار لأبويا أشوفه عامل ايه!رد حامد بتأثر:
=أبوكي راجل غلبان مش زي أمك.ثاني يوم في النهار، عندما تسللت أشعة الشمس الدافئة عبر نوافذ المستشفى، اجتمع الجميع في الممرات المزدحمة للاطمئنان على المعلم حنفي، الذي كان يرقد على سريره محاطًا بأجهزة المراقبة، فوقف جلال بجانبه، وبحزن عميق يرتسم على وجهه، قال بصوت متهدج:
_ازيك يابا عامل ايه؟رد المعلم حنفي، وهو يتألم:
=أه، تعبان يا جلال.قالت نعمة باستياء:
_سلامتك يابا.
![](https://img.wattpad.com/cover/354980776-288-k360725.jpg)
أنت تقرأ
أم الديب الجزء الأول
Comédieعندما تكون المرأة متسلطة اللسان وقوية، ولا تخشى أحدًا، ويعاني الجميع، بما في ذلك أبناؤها، من تصرفاتها، فإنها تصبح مصدرًا للمشاكل والصراعات في المنزل، الذي يتواجد في قرية تُدعى أبو حلاوة. رغم زواجها من زوجها دون موافقته، وتحت تهديد سلاح أخيها المتسلط...