الفصل الثامن

45 2 1
                                    

بعدما اشتدت نداءات الجلجلة التي تنبعث من حنجرة نعمة، هرع جلال إلى الأسفل بخطى مُسرعة، حتى وصل إليهما وهم يتجهون إلى المستشفى في طريقهم، وانطلقوا بسرعة نحو الوجهة المطلوبة. وبينما كانوا في طريقهم، وقف المعلم حنفي فجأة على قدميه بين الحشود المتجمعة حولهم، وألقى نظرة متوجسة نحو عم سلامة، ثم أخذ يتحدث بصوت مرتفع وهو يتلو بعض الكلمات الحانية:
_اطلع انت يا عم سلامة ملكش دعوه وآني هاخد جلال مشوار على السريع وجايين.

تعجب عم سلامة، وقال بدهشة:
=ايه ده انت مش تعبان يا معلم حنفي؟

المعلم حنفي بتماسك:
_آني عصب أهو... اطلع لبتك ألا الولية تعمل فيها حاجة!

نعمة بفزع:
=حرام عليك يابا قلقتنا عليك!

هايدي ببؤس:
_يا بابا وأخرتها ايه بس؟

المعلم حنفي بصوت حاد:
=خدي أختك واطلعوا عايز أخوكم في كلمتين على السريع...يلا!

نعمة، وهايدي في صوت واحد:
_ حاضر.

وفيما صعد الجميع إلى الأعلى، وجدوا أم الديب جالسة على الأرض في صالة منزلها، بابها مفتوحًا لترى كل من يصعد على الدرج، وهي تستمتع بوجبتها المفضلة، الجزر المسلوق، فلما رأت عم سلامة، اشتعلت نيران الكراهية داخلها. أما في شقة العروس ليالي، كانت تجلس برفقة والدتها، وأختها، نطقت تباهي لها قائلة بإعزاز:
=انتي كويسة يا بتي؟

ليالي بسخط:
_أيوه ياما، بس حماتي دي ست عجربة!

أرادت تباهي أن تنصح ابنتها، فقالت بحصافة:
=هقولك كلمتين خليهم حلقة في ودنك...علمي عليها دي وليه قادرة ومفترية، لو سكتيلها يا بت متلوميش إلا نفسك!

ليالي بحيرة:
_حاضر ياما لما نشوف الدنيا هترسي على ايه!

دخل عم سلامة شقة ليالي، وجلس على الكرسي، وتلفظ بإرهاق:
=معلش يا بتي اتأخرت عليكي.

ليالي بقلق:
_حمايا حصله حاجة يابا؟

عم سلامة بضيق:
=لا صاغ سليم.

في لحظة مفاجئة، قررت أم الديب أن تنظف منزلها، فاستحضرت الماء والصابون، ونزلت إلى مدخل المنزل حيث قامت برشه، في حين كان أحمد يسافر إلى القاهرة استعدادًا لاختبارات نهاية العام. وبعد مرور ساعتين منذ أن اطمأن عم سلامة على ابنته ليالي، نزل هو، وزوجته، وابنته هبة، وعبَّر عن إرهاقه قائلًا:
_السلم هلكني.

تباهي بارتياح:
=المهم بتك بخير.

هبة بكراهية:
_تصدقي إن حماتها دي عايزة ضرب النار!

تباهي بصوت خافت:
=اسكتي دي قدامنا!

لسوء الحظ، انزلقت قدم عم سلامة فسقط على الأرض مع كل ما كان بيده، حتى انتثر الطعام واتسخت الأرض، ومالت تباهي نحوه بهيعة. وفي حالة من الاستغاثة، تحدث عم سلامة قائلًا:
_أه رجلي...رجلي أه رجلي.

أم الديب الجزء الأول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن