الفصل التاسع عشر

46 3 2
                                    

انفجر امتعاض جلال يتردد في رده:
_انتي خطفتيه ياما؟

ردت أم الديب بجلبة:
=ايهي ده عيل كداب، انتوا هتصدقوا كلام عيل صغير يا راجل منك له؟

نطق جلال بسخط عارم:
_لو هوبتي ناحية مراتي وابني ياما مش هيحصلك كويس!

صرخت ليالي قائلة بانفعال جسيم:
=منك لله.

خرجت الأسرة من شقة أم الديب، وبعد مرور يومين، كانت أم قمر الدين  تشعر بتأنيب الضمير ناحية أم الديب، وكأن وزن الكلمات الصامتة يثقل كاهلها، خصوصًا بعد ما حدث المرة الأخيرة في الحفل. وبالرغم من أن ابنتها سامية قامت بتصرف غير لائق تجاهها، إلا أنها كانت تتردد بين خيوط العطف، والضيق، كسائر الأمهات في مثل تلك اللحظات المتوترة. فقررت أن تتصل بصديقتها، وتوجه إليها دعوة استضافة في منزلها لمدة أسبوع، بغية تعزيز أواصر العائلة المتشققة. وبالفعل، قامت بالاتصال بها، وفي صوتها مزيجٌ من الاعتذار، والترقب، وقالت:
_هاي أم الديب، أخبارك ايه؟

ردت أم الديب باستياء:
=كويسة يا مدام.

نطقت أم قمر الدين بصوت حنون:
_مالك يا أم الديب مين مزعلك؟

ردت أم الديب ببكاء:
=ابني ومراته العقربة.

تحدثت أم قمر الدين بتعجب:
_ليه كده؟

ردت أم الديب باستياء:
=بيفتروا عليا.

شعرت أم قمر الدين بالتأثر يملأ قلبها نحو أم الديب، فقررت أن تفتح الموضوع معها، وبصوت محمّم بالشجن، والتضرّع، قالت:
_أوكي متزعليش يا أم الديب، انا عازماكي أسبوع عندي في الڨيلا انتي وبناتك.

في لحظةٍ من النسيان، تبدّلت مشاعر أم الديب من الحزن الثقيل إلى السعادة الغامرة، وتلاشت كل الهموم كالضباب أمام بريق الفرح الذي انعكس على وجهها المضيء، وبصوتٍ مفعمٍ بالحماس، أعلنت ببهجة:
=ده بجد يا ست بسملة؟

أجابت أم قمر الدين بابتسامة:
_طبعًا انا بتكلم بجد، هستناكم متتأخروش!

ردت ام الديب بسعادة:
=آني جاية في الطريق أهو، حمامة وهتلاقيني عندك!

ضحكت أم قمر الدين، وقالت:
_أوكي.

وبخطواتٍ سريعة دخلت أم الديب الغرفة، وبدأت بفتح الدولاب على وقع الصوت الصرير، وهي تستعجل في استخراج ملابسها بينما المعلم حنفي كان جالسًا على السرير، متعجبًا بما تقوم به أم الديب. فوجّه إليها نظرةً متسائلةً، وبينما كانت تواجهه بتعبيراته المتناقضة من العجب، قالت:
=انت يا عرة الرجالة!

رد المعلم حنفي:
_عايزه ايه؟

تلفظت أم الديب بلهفة:
=هروح أقعد أسبوع عند ست بسملة.

رد المعلم حنفي بفرحة:
_خدي البنات معاكي.

ردت أم الديب، وهي تضغط الملابس في الكيس البلاستيكي بعنف، وبصوت متجهم مليء بالتوتر، قالت:
=هاخدهم ياخويا.

أم الديب الجزء الأول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن