صرخت ليالي بعد أن سمعت صراخ جلال يعلو في الداخل، وفي لحظة من الهلع، قالت بصوتٍ متأثر:
_يا نهاري، يا نهاري.رد أحمد:
=متقلقيش هو هيعرف يتعامل.وقف الشيخ على قدميه بثبات، محاطًا بسكينة تنبعث من كيانه، وأمسك بيد جلال، وهو يتلو آيات القرآن بتأنٍ، وخشوع، وبعد مرور نصف ساعة ، انفصلت الأرواح وخرج الجان من جسد جلال، وتلاشى الهيجان من وجهه، وجلس هادئًا على السرير، في حين خرج الشيخ وهو يغمره الشعور بالإنجاز، وسعد بابتسامة تعبيرية على شفتيه، وهو يقول:
_انا خرجت الجن من عليه، وبالمناسبة أبوكم موجود في مقابر...عايش جنب تاني شجرة!رد أحمد بصدمة:
=حضرتك متأكد؟نطق الشيخ بثقة:
_طبعًا...أما والدتكم فموالها طويل، خلينا بس نشوف حل ليكم الأول.توجه أحمد، وجلال إلى المقابر، حيث وجدوا أنفسهم وسط هدوءها، يلتفتون حولهم بحثًا عن موقع المعلم حنفي المحدد لهم من قبل الشيخ. فتوقف أحمد وألقى نظرة تأملية حوله قبل أن يقول:
=هو قالك تاني شجرة، ودي لسه أول شجرة هناك.رد جلال بقلق:
_ألا يطلع بيشتغلنا يا عم!أجاب أحمد بثقة:
=لا لا هنلاقيه.عندما اقتربوا من الشجرة، اكتشفوا المعلم حنفي موجودًا بالفعل، وهو يشبه المتسولين في لباسه البسيط، ولحيته الطويلة، وكانت بشرته تحمل آثار الصعوبات. فركض أبناءه نحوه بسرعة، فملأت الدهشة قلب جلال عند رؤيته، فقال بذهول:
_أبويا؟ ايه اللي جابك هنا؟كانت تعبيرات وجه المعلم حنفي تكشف عن غياب الوعي، والنسيان، فبينما يحاول أبناؤه التقرب منه بسرعة، اندهش جلال لرؤية المشهد، حيث كان المعلم حنفي لا يتذكر أي شيء من حوله وقتما قال:
=مين؟رد أحمد بصدمة:
_انت مش عارفنا؟أجاب المعلم حنفي، وهو يتلفظ بكلمات غير مفهومة، بينما تتداخل الأصوات في جو من الغموض، حيث يبدو أنه يعيش في عالمٍ موازٍ:
=آني المعلم حنفي اللي مفيش منه اتنين.مال جلال نحو والده، ونشب بيده قائلًا:
_يابا حصلك ايه؟ قوم معانا!رد المعلم حنفي بوجه قالق:
=هوس ياض ألا مراتي تطلع تشدني، أصلها بتطلع كل يوم بعد الساعة تسعة تشدني، وتنزل الأرض بيا.نظر أحمد بساعة اليد، وقال بجلبة:
_الساعة تسعة إلا خمسة!رد جلال بخوف:
=يا نهار منيل، شده ياض بسرعة!وحملوا المعلم حنفي بتعاون متبادل بينهم، حتى تمكنوا من دفعه داخل السيارة ووضعوه فيها، وعندما بادر أحمد بتشغيل محرك السيارة، انعكس تأثير ضوء المرآة على وجهه، فتجسدت صورة أم الديب، فاستغرب الجميع لتلك المفاجأة الغير متوقعة، وبينما كانوا يتأملون، أنهى جلال هذا المشهد الرهيب بصرخة تعبيرية تعكس دهشته الكبيرة، وهو يصدح:
_اطلع بسرعة!
أنت تقرأ
أم الديب الجزء الأول
فكاهةعندما تكون المرأة متسلطة اللسان وقوية، ولا تخشى أحدًا، ويعاني الجميع، بما في ذلك أبناؤها، من تصرفاتها، فإنها تصبح مصدرًا للمشاكل والصراعات في المنزل، الذي يتواجد في قرية تُدعى أبو حلاوة. رغم زواجها من زوجها دون موافقته، وتحت تهديد سلاح أخيها المتسلط...