الفصل السادس والعشرون

45 1 1
                                    

ردت ليالي بسخط:
_ملكش كلام معايا يا جلال...أنا قاعدة في بيتي، ومش ماشية منه...عاوز تمشي امشي، وشوفلك حتة تانية!

رد جلال باستياء:
_وأنا ذنبي إيه يا بت؟ مانتي عارفة أمي دماغها ناشفة ومش بتحبك!

أجابت ليالي بكراهية:
_قال أنا اللي بموت فيها، دي ولية هم جاتها ميت مصيبة تاخدها.

رد جلال بانفعال:
_ما جرا إيه يا ليالي؟ دي أمي برضه.

نطقت ليالي باهتياج:
_حنيت ياخويا لأمك دلوقتي؟ أمك اللي عاوزة تخرب بيتي؟!

استلّ جلال المطوى من جيبه، وهتف بصوت مفعم بالحدة:
_اسمعي يا ليالي هما كلمتين، يإما تتعدلي معايا، يإما تروحي على بيت أهلك!

تسمّرت ليالي في مكانها، وصرخت بصوتٍ مبحوح:
_بترفع عليا المطوى يا جلال... بقى دي آخرتها؟

رد جلال بلا مبالاة:
_أه برفعها عليكي يا ليالي، ويلا اتكلي على الله  متعمليش لينا وَش ووجع دماغ!

صرخت ليالي في وجه جلال قائلةً:
_مش هسيبك!

أمسكت ليالي بجلال وهي تغلي من الغيظ، وكتفته بقوة من عنقه، ثم خلعت نعلها وضربته على ظهره صارخةً:
_مش هسيبك يا جلال، وأنا هعلم أمك الأدب...أمك الضايعة، أمك الغبية، أمك اللي مبتفهمش، أمك اللي شبه البقرة!

زمجر جلال وهو يجاهد لإبعادها عنه، قائلًا بجلبة:
_آه رقبتي...الحقوني...آه...أوعي يا بت!

صرخت ليالي قائلة:
_مش هسيبك!

وطأها جلال بساقه الطويلة في بطنها بقوةٍ عارمة، فسقطت مغشيًا عليها وهي تنزف الدماء. انحنى جلال نحوها ورجّها بذعر، قائلًا بخوفٍ:
_ليالي اصحي، قومي يا بت! إيه اللي حصلك؟ مكنش قصدي...قومي!

بينما المعلم حنفي لم يفارق ضرب أم الديب، حتى انبثقت الدماء من جسدها، وهي تصرخ بوجعٍ لا يُطاق:
_يا لهوي.

ثم فقدت وعيها حتى جاء ضايع متجولًا بالقرب من المعلم حنفي، وقام بسحب السوط من يده، وصاح:
_كفاية كده يا معلم، إنت إيدك موجعتكش؟ يلا خد مراتك وعلى البيت، ورايا تلات حالات سرقة النهارده، واتنين قتل...إنتوا كده بتعطلوني!

في الواقع، عاد المعلم حنفي إلى المنزل بأم الديب، وكأنها محمولة على أيدي شياطين، وأخرجها من السيارة النصف نقل بجهدٍ ملحوظ، حتى وصلا إلى باب المنزل، حيث بذل جهدًا كبيرًا لسحبها برفق عبر السلالم المتعبة. وبعد وصولهما إلى الشقة بأمان، دخل بها ووضعها بقسوة على الأرض، لتستريح. وبينما هايدي خرجت من غرفتها متعجبة، لم تتمالك نفسها إلا وهي تقول بتساؤل:
_إيه ده يا بابا؟ إيه ده؟

صاح المعلم حنفي قائلًا بسخط:
_أدخلي جوا يا بت...مسمعش صوتك! يلا!

خطت هايدي إلى غرفتها بخوفٍ مترقب، وصكت الباب خلفها، وفي تلك اللحظة الهادئة، وبينما المعلم حنفي يتنفس ببطء، انخرط في تحضير محلول التعذيب، تلك الخلطة المريرة من الماء، والملح، ونكهة الليمون الحادة. وعندما أطلق المحلول على جسد أم الديب، اشتعلت صرخات الألم وسط الصالة، كشعلة تترنح في أعماق الجحيم:
_يا خرابي...جتتي بتاكلني... يا لهوي...الحقوني!

أم الديب الجزء الأول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن