الفصل العشرون

48 2 1
                                    

عندما وصلت ليالي إلى شقة أم الديب، اكتشفتُ جوًّا مليئًا بالنعم، وهناك كانت أم الديب في المطبخ تقوم بتقليب المُغات في القِدر، فلم تتمالك ليالي نفسها وقالت بدهاء:
_كده يا حماتي تبقوا بتعملوا شغل، ومتندهونيش آجي اساعدكم؟

ردت أم الديب بتعجب:
=وانتي من امتى بتساعدينا ياختي؟

نطقت ليالي بخبث:
_وانتي عمرك قصدتيني في حاجة، وقولتلك لا؟

زمجرت أم الديب، وقالت ببغضاء:
=ده انتي عاملالنا فيها بت بارم ديله، وانتي متسويش ربع جنية في سوق الحريم يا بت!

انتحبت ليالي بوجه أم الديب، وقالت بحدة:
_ربنا يسامحك يا حماتي، على العموم الدنيا دوارة، يوم ليك ويوم عليك، وانا عشان بت أصول مش هرد عليكي، مانتي في الأول والآخر قد أمي.

ردت نعمة باستياء:
=لا حول ولا قوة إلا بالله، ولازمته ايه الكلام ده بس ياما؟ ده ليالي بتحبك ومعتبراكي زي أمها!

أجابت أم الديب بصوت حاد يشوبه قسوة القلب:
_اسكتي يا بت بلا أمها بلا خالتها، آني معنديش غير بتين انتي وأختك هايدي!

ثم خرجتُ من المطبخ، وزادت ليالي عنادًا، وإصرارًا في الانتقام من أم الديب، وتخليص نفسها من الطاقة السلبية التي زرعتها داخلها، فنطقت نعمة بحزن مكبوت في صدرها، بينما يتسلل التأثر في عينيها، وترتسم الكلمات برحمة على شفتيها، وهي تتمتم:
=حقك عليا يا ليالي، متزعليش ياختي!

ردت ليالي بدهاء:
_لا يا حبيبتي، وانا برضة هاخد على كلام أمك؟ مانا عارفة إن قلبها أبيض عشان كده كلامها كتير... المهم انتوا بتعملوا ايه؟ عايزه أساعدكم!

تحدثت نعمة:
=هنعمل كمية مغات، وهنشيلها في الفريزر، وتبقى يادوبك على التسخين، وهناخد معانا كمية لجميلة بكرا.

ردت ليالي بمكر:
_طب اقعدي ارتاحي انتي، وانا هعمل بدالك... ده انا عليا شوية مُغات يعبطوا.

خرجت نعمة من المطبخ، انتقلت وجلست على الأريكة محاولة استراحة مفتقدة، في حين امتدت يدا ليالي نحو علبة الملح، حيث اختارت كمية من بودرة المُغات، وأضافت الملح إليها بدقة، مما جعلها تغوص في الخليط بتركيز شديد، حتى اختفت تمامًا بين الرائحة القوية، واللون المتجانس، ثم خرجت من المطبخ بعدما أنهت مهمتها السرية، وصاحبتها عبارة من الإرهاق لامست أعماق القلب، وقالت:
_أه يا رجلي، معلش يا نعمة، فجأة كده رجليا قامت عليا... كملي انتي بقى!

نطقت نعمة بقلق:
=سلامتك ألف سلامة، طب أقعدي ارتاحي!

ردت ليالي:
_لا لا انا هطلع أرتاح على السرير، وبكرا نبقى نروح لجميلة.

تلفظت نعمة بلُطف:
=ماشي يا ليالي، خدي بالك من نفسك وانتي طالعة.

ردت ليالي بابتسامة:
_حاضر، مع السلامة.

أم الديب الجزء الأول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن