عندما وقف العريس على قدميه مرة أخرى، لم يكن مجرد وقوف بل كانت لحظة من التماسك، والصمود، حيث حاول بكل قوته تجاوز تعبه الذي كاد ينال منه. وفي تلك اللحظة، انتابته أوجاع الجسد، فتحسس ظهره بألم يتردد في أعماقه، ولكنه حافظ على ابتسامته المتألقة على شفتيه، مستقبلًا زغاريد النساء التي ارتفع صوتها بفرح لحظة وصوله. وعندما وصل إلى يد العروس، سلمها باقة الورد بلطف، وفي تلك اللحظة الساحرة، انعكست البهجة على وجهها، ما دفعه للإحساس بالراحة الداخلية، وهو يتأمل جمالها، وفيما بعد، خرج من بين شفتيه كلمات العشق:
_انتي مين؟ضحكت نعمة، وقالت بتعجب:
=نعمة، أمال هكون مين يعني؟ضحكت ليالي، وقالت:
_هو أه الكوافيرة بتغير شكل العرايس، بس نعمة ماشاء الله عليها حلوه قبل، وبعد.رد حامد بسرور:
=ده انا معرفتكيش، يخربيتك!بينما وقفت هايدي بهاتفها، تسجل لحظات الفرح كالصور، والفيديوهات، كانت تعكس جمال اللحظة بأبهى صورها. وفجأة، ما لبث حامد أن أمسك بيد نعمة، وبدأوا ينحدرون اتجاه هتافات النساء التي ارتفع صداها بفرح لحظة خروجهم. وفي الخلفية، كانت أم الديب تبث جمالًا آخر بتقاذفها للورود المجففة بعفوية. وعندما وصلوا إلى منتصف الشارع، وجدوا أنفسهم وسط فرقة الطبل التي بدأت بإيقاعاتها الراقصة، فلم يمكن لخواطر إلا أن تعبر بدهشة:
_هو مين اللي بيتجوز؟ضحكت أم الديب، وقالت بسخرية:
=خالتك ياما.ردت خواطر بتعجب:
_هو مش خالتي ماتت وخدنا عزاها؟وفي رد فعل فطري، أرادت أم الديب أن تفلت من قبضة والدتها، ترغب في الاندماج مع الاحتفالات بحرية تامة، كما لو كانت تعبيرًا عن رغبتها في التحليق بعيدًا عن قيود العجوز، وتحكماتها حيث قالت:
=أمال ايه بس صحيت تاني، روحي انتي بس اركبي العربية مع المعازيم وسيبيني في حالي!نظرت أم الديب إلى جلال بعيون تنبعث منها قوة، وثبات، وأردفت:
_ولا يا جلال، خد ستك معاك يا ولا.جاء جلال، وهو يحمل حمود، وقال باستهزاء:
=تعالي يا ستي، ده إن أمي مشالتكيش على راسها، نشيلك احنا في التربة.صاحت خواطر في وجه جلال قائلة بانفعال:
_أبوك هو اللي بيلعب في نفوخك، واحد تاني كان حبب عياله في ستهم الغلبانة، المسكينة!رد جلال بضحكة سخرية:
=و ربنا ما في حد طيب غيري، يلا يا ستي!غادر جلال بجدته العجوز، وركب العروسين السيارة، ثم توجهوا إلى الاستوديو لالتقاط صور الزفاف، ودخلت معهم ليالي، وجلال، فرافقاهما في رحلة تخليد اللحظات الجميلة. وعندما انتهوا من التصوير، عادوا ليجتمعوا في سيارتهم من جديد، متوجهين نحو حفل الزفاف الذي كانت يشهده أجواء احتفالية مليئة بمزامير السيارات، وأصوات زغاريد النساء، وتألق الألعاب النارية في السماء. وعند وصولهم إلى مقر الحفل، خرجت ليالي من السيارة لتساعد العروس في حمل فستانها بحرفية، بينما استمتع جلال بلحظات الفرح، والرقص بجوار العريس وأفراد عائلته على أنغام الأغاني الشعبية. وفجأة، وصل ضايع، خال العروس، محاطًا بصحبته الوضيعه، وبمجرد نزولهم من السيارة، قبل جلال خاله، والاندماج في دورة الرقص معه. بينما كان حامد يأخذ بيد عروسته ويتوجهان نحو مقاعد الحفل، انضمت بقية المعازيم إلى المكان وجلسوا في أماكنهم المخصصة. وبعد مرور نصف ساعة، وصل أحمد، وجميلة بابنتهما سيليا برفقة أم قمر الدين، فرحبت بهم أم الديب بحفاوة واختارت لهم أفضل طاولة بالحفل ليتمتعوا بالأجواء الاحتفالية. وفي لحظة لاحقة، قرر أحمد الانضمام إلى المعلم حنفي، وجلال للجلوس معهم، في حين عبرت أم قمر الدين عن انزعاجها من ضجيج الموسيقى الشعبية بقولها لأم الديب:
_مش هنسلم على العروسة؟
أنت تقرأ
أم الديب الجزء الأول
Humorعندما تكون المرأة متسلطة اللسان وقوية، ولا تخشى أحدًا، ويعاني الجميع، بما في ذلك أبناؤها، من تصرفاتها، فإنها تصبح مصدرًا للمشاكل والصراعات في المنزل، الذي يتواجد في قرية تُدعى أبو حلاوة. رغم زواجها من زوجها دون موافقته، وتحت تهديد سلاح أخيها المتسلط...