الفصل الخامس والعشرون

38 0 1
                                    

أثناء ترتيبات المذيعة سامية للقاء التلفزيوني مع أم الديب، كانت تتأمل بعمق في كلماتها أثناء مكالمتها الهاتفية، كأنها تستعد للغوص في عالم آخر:
_مانتوا عارفين حاجة زي دي مقدرش أفوتها، وبعدين انا أولى خصوصًا إن دي حماة أختي جميلة....أيوه طبعًا واضح أنها ست مش سهلة أبدًا، ودماغها دي فيها خطط كتير أوي!

صدح صوت المخرج بقوة، كأنه يرغب في أن تهز الكلمات الجدران وتصل إلى أبعد نقاط الاستوديو، كلما انتشر صداه في الجو، أصبح واضحًا أنه ينوي إرشاد الفريق بقوة، وتحفيزهم لتحقيق أعلى مستويات الاستعداد:
=يلا هنطلع هوا كمان دقيقة.

ردت المذيعة سامية:
_حاضر.

ثم تابعت حديث في هاتفها الثمين قائلة بلُطف:
_طيب هكلمك بعدين، هطلع هوا كمان دقيقة... أيوه حاضر...حاضر...باي.

ثم عادت لتجلس على الكرسي بتأنٍ، ووضعت هاتفها جانبًا، كمن تعود على فن التركيز العميق، وبدأت في التحدث بكل ثقة، ووضوح، كمن تمتلك براعة في إيصال الفكرة المرادة بأقل عناء:
_جاهزه يا أم الديب؟

ردت أم الديب:
=أيوه ياختي.

نطقت المذيعة باشمئزاز:
_ياختي؟

مع بداية البث المباشر، انطلقت المذيعة بابتسامة ساحرة، كمن ترسم البهجة على وجوه المشاهدين بأول لمسة من الحديث، تنبعث الحيوية من كلماتها، كما لو كانت ترقص على لسانها بانتعاش:
_أهلًا بيكم في لقاءنا اليوم وطبعًا زي ماحنا متعودين بنتناقش في أي قضية، وبنحاول نحللها من جميع الجوانب، ونوصل لنتائج مُرضيه...فاكرين السيدة أم الديب اللي تم استضافتها في حلقة زمان؟ الحقيقة إن النهاردة حصلها حاجة غريبة أوي.

كانت جميلة تشاهد البث المباشر مع والدتها في الفيلا، وهم يتناولون الحلوى، والمكسرات، وينصتون بانتباه شديد لهذه الحلقة الخطيرة. ولكن بعد انتهاء اللقاء بين المذيعة، وأم الديب، قام المعلم حنفي بمرافقة أم الديب من المدينة الإعلامية إلى المنزل، حيث اجتمع حولهم جميع أبناؤهم، وأحفادهم، وجلس المعلم حنفي في المنتصف بينهم، واستغل هذه الفرصة ليقدم درسًا قويًا لأم الديب، يظل محفورًا في عقلها، فانفجر بصوت عال، وغضب غامر:
=كلكم متجمعين وآني في كلمتين محشورين في زوري، يشهد ربنا إن الست اللي قدامكم دي مطلعه عين اللي خلفوني...مابتبطلش مصايب لدرجة أنها راحت تعمل سحر لليالي البت الغلبانة الطيبة اللي قدامكم.

جلجلت أم الديب في وجه المعلم حنفي، وأنكرت بسخط كل ما فعلته، قائلة بصوت متجبر:
_آني معملتش حاجة يا راجل، انت هتتبلي عليا ولا ايه؟

رد المعلم حنفي بصياح:
=خليني أكمل كلامي يا ولية انتي، ومابتسمعش كلامي أبدًا، أقولها يمين تروح شمال، أقولها شمال تروح يمين.

ردت أم الديب بامتعاض:
_ايهي ده آني طيبة!

نطق المعلم حنفي بانفعال:
=ده الشيطان هو اللي طيب يا ولية...قسمًا عظمًا إن مابطلتي لا أنفخ اللي جابوكي أكتر مانتي منفوخة خلقة!

أم الديب الجزء الأول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن