ما أن رآه الطبيب الشرعي حتى طلب منه أن يساعد في نقل الجثة إلى السرير النقال، فتقدم دون أن ينطق بشيء وحمل الجثة من جزئها الأعلى بينما رفع المساعد الجزء الأسفل ووضعاها علىالسرير النقال.
لم يستطع آدم أن لا ينظر إلى ذلك الجسد المتناسق الجميل وإلى المنطقة السفلى من بطنها، وبالتحديد بين فخذيها، بينما سمع
الطبيب يقول:
الله وحده يعلم كم توسلت لهم مؤكدة على براءتها ولم يسمعها أحد. على أية حال. تعال معي بسرعة كي ننجز التقرير، ولنخبر أهلها بأن ابنتهم كانت عذراء، وهي بريئة، ولم تكن حاملاً.
تعال.. تعال معي، ولنترك آدم ينظف الأرضية من الدماء.
خرج الطبيب يتبعه مساعده، بينما بقي الحارس آدم مشغولاً
مع نفسه، تغمره الراحة لخروجهما.
في تلك اللحظة التي اختفى فيها الطبيب ومساعده من القاعة،
نظر الحارس آدم إلى وجه الجثة متأملاً. ظل يحدق للحظات.
فجأة فتحت الجثة عينيها برعب ونظرت إلى وجهه، ثم مسكته
من ياقة قميصه ساحبة إياه إليها.
شله الرعب ودفع يديها عن ياقة قميصه وهرول هارباً من
القاعة، ملتفتاً إلى الوراء وهو يركض باتجاه الطابق الأرضي، فرأى
الفتاة تقف عند باب قاعة الجثث عارية وهي تبتسم.
كان الحارس آدم يركض بأقصى سرعته، لكنه كان يحس
وكأنه يراوح في مكانه. وهو في تلك الحال كان يفكر بما جرى، وما يجري، هل هو يتوهم ما يجري معه أم أن الأمر هو مجرد کابوس لا أكثر ؟ وليتأكد من ذلك كان يتلفت إلى الوراء، لكن لا، الجثة تقف هناك عند باب القاعة وآثار خياطة فتح البطن ترسم
خطاً مشوهاً على صدرها وبطنها. عندما وصل إلى الدرج لم يستطع صعوده، تعثر. أخذ يقفز على يديه ورجليه صعوداً. عندما وصل إلى الطابق الأرضي رأى أهل الفتاة كانت الأم تنوح وتلطم وجهها بينما الأخت تزغرد لبراءة أختها من العار الذي لحق بهم، ، أما الرجل الملثم فقد بدا
مرتاحاً برغم بعض ملامح الحزن والانكسار في نظراته. مر المنظف الأخرس من أمام فتحة الدرج فرأى الحارس آدم وهو يجثو على درجات السلم وكأنه قد تعثر، فأشار إليه بيديه مستفسراً. نظر الحارس آدم إليه ولم يجبه وحرك يده دونما أي كلام وكأنه يقول له أغرب عني، لكنه ظل يتلفت إلى أسفل الدرج
وكأنه يتأكد من أن الجثة لن تتبعه.
بالرغم من مرور أكثر من سنة على ما جرى فإن الحارس آدم لا يدري، لحد الآن بالضبط هل ما رآه كان حقيقة أم وهماً؟
أنت تقرأ
مشرحة بغداد
Horrorرواية مرعبة جداً،تحاكي من زاوية أخرى الوجع العراقي الذي لا يريد أن يصل إلى نهاية أبداً،يبقى الستار مفتوحاً أن اعتبرنا العراق أكبر مسرح على الأرض ، يعرض أكثر المسرحيات تراجيدياً،حيث تقوم الجثث بأداء أدوار خانقة ، ويكون الديكور أشلاء ودماء الضحايا الأ...