..

105 3 0
                                    

كرسيه، بعد أن وضع المسدس على طاولة مكتبه، وتقدم نحوي قائلاً، بشكل رسمي بارد، رغم أن نظراته كانت تستكشف جسدي:

هذه أنت؟ كيف حالك؟

الحمد لله.

قاطعني سائلاً، وكأنه يريد إنهاء المقابلة بأسرع ما يمكن: هل تحتاجين لشيء، للمال، أو لإنجاز معاملة، أو لعمل؟ -

- اخرسي، أي ابن الذي هو ابنك وابني؟

جئت أسأل عن ابني.

ابنك؟ أي ابن ؟ أين هو ؟ ما اسمه؟ كي نستطيع مساعدتك؟

ابني الذي هو ابنك أيضاً؟

ابني الذي ولدته في السجن منك؟ ابني الذي أخذته مني؟

ارتبك من صوتي الذي بدا يعلو قليلاً، فقال: - اسمعي جيداً، يمكنني الآن أن أزج بك في السجن إذا ما

واصلت حديثك بهذا الصدد، هل تفهمين؟ أنا لا أعرفك أصلاً؟

ولكني رأفة بك يمكنني أن أبحث لك عن عمل.

- أنا لا أبحث عن عمل، وإنما أريد رؤية ابني.

ولا أدري كيف طرأ في ذهني أن الصورة المؤطرة التي على

مكتبه هي لابني، فذهبت مسرعة لرؤيتها، وفعلاً رأيت صورة لصبي

جميل، لكن إلى جانبه تقف امرأة أخرى. التفت إليه صارخة:

هذا ابني أليس كذلك؟

صمت للحظات، رأيت الصراع الذي يتأجج في أعماقه، لكنه

سرعان ما سيطر على نفسه وقال بلهجة عصبية آمرة: - كفي عن هذيانك هذا وإلا ستنتهين، هل فهمت ؟

ما أن سمعت منه تهديده هذا، وكانت صورة ابني قد فجرت براكين الألم في أعماقي، ففقدت هدوئي وأخذت أصرخ عالياً: ماذا، أتهددني ؟ ماذا تريد أكثر ، أخذت ابني وتريد قتلي؟ سأفضحك وأفضح أمثالك، سأفضح هذا المسؤول الذي كان يقضي لياليه باغتصاب السجينات السياسيات، بينما اليوم هو حامي

للعدالة، سأفضح تاريخك الأسود.

لم أستطع أن أواصل كلامي، إذ تلقيت صفعة شلت فكي، وفي لحظة عاد لمكتبه وضغط على جرس هناك، فدخل ضابط

عسكري قدّم التحية له، وسمع منه غاضباً:

خذوا هذه المجنونة من هنا، وأخرجوها من الدائرة، وإذا مفهوم سيدي.

ما عادت ثانية فاعتقلوها وألقوا بها في السجن، مفهوم؟

وسحبني الضابط من يدي، ومضى بي خارجاً. لم أكن أستطع

أن أقول شيئاً، كانت ضربته قوية جداً، ومفاجئة، لكني، وأنا في

الطريق، صرت أتوسل للضابط قائلة:

صدقني يا أخي أنه أخذ ابني مني أنا كنت سجينة سياسية،

وكان هو ضابطاً للسجن، وقد كان ينام معي، وحبلت وولدت ابناً

أخذه مني، أنا لا أريد شيئاً، فقط جئت أسأل عنه، لكنه يتهمني بالجنون. أنا أعرفه جيداً. لقد كان يغتصب السجينات السياسيات كل ليلة.

مشرحة بغدادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن