شعر الحارس آدم بالرعب

383 16 1
                                    

شعر الحارس آدم بالرعب. أحس ببلل بين فخذيه، فعرف أنه قد بلل سرواله قليلاً دون أن يدري نهض مرعوباً وبشكل لا إرادي فأغلق الباب بالمفتاح، ثم عاد جالساً على الصوفة الجلدية ساكناً

كالتمثال.

فكر لثوان باللحظة التي مس نصل السكين عنق الضحية، والثواني الأولى من عملية الذبح حينما شق النصل عنق الفتى وشعور الفتى في تلك اللحظات، لا سيما وأنه لم يمت مباشرة،

وإنما استغرق موته دقائق إلى أن نزف دمه. صحیح أنه يعمل في مشرحة، وأنه رأى عشرات الجثث المشوهة. جثث مقطوعة الرؤوس. جثث مقطوعة الأطراف. جثث بعيون فقأت أو قلعت من محاجرها. جثث بجماجم مهشمة بالمطارق أو مثقوبة الجماجم بأزاميل حادة. جثث مقطوعة اللسان. جثث مقطوعة الآذان. جثث محروقة. جثث تم تعذيبها ومن ثم أعدمت. جثث تالفة قد انتشلت من الأنهار. بقايا أجساد بشرية لملمت من أماكن انفجار السيارات المفخخة أو الانتحاريين الإسلاميين. جثث يراها يومياً في القاعة الكبيرة، لكنه لم ير عملية

قتل، بل ذبح إنسان حي قط.

لا يدري كم من الوقت مر عليه وهو في جلسته الجامدة

تلك. شعر برغبة في التكور على نفسه. استلقى على الصوفة الجلدية مادا اللحاف الذي كان عند طرفها على جسده، لكنه ترك المصباح مضاءً. كان يشعر بالبرد. غطّى رأسه باللحاف وأجبر نفسه

على النوم. كان يرتجف لاإرادياً. بقي للحظات متمدداً على ذلك

الوضع، لكنه قام فجأة فأطفأ النور الكهربائي وعاد إلى الصوفة

مستلقياً بعد أن غطّى جسده ورأسه باللحاف ثانية.

تقلب في نومه كثيراً. استيقظ أكثر من مرة. فتح عينيه وحدق إلى سقف الغرفة المظلمة. استذكر لحظة الذبح وما تلاها فقط. حاول العودة إلى النوم. ظل فترة لا يفكر في شيء سوى النوم.

لا يدري كيف سقط في هاوية النوم.

))

مشرحة بغدادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن