الهولاء ... والمنسيون

100 3 0
                                    


من هم هؤلاء الأشخاص الذين كانوا أمام البوابة؟ كيف اختفوا فجأة؟ ومن هو هذا الذي كان ينظر إلي عبر المدخل الرئيس للمشرحة ؟ من أين جاءوا ؟ ولماذا في مثل هذا الوقت؟ هل هم من الهؤلاء، زوار الفجر، الذين يأتون عادة بعد منتصف الليل؟ هل هم الذين يثيرون الضجة في الطابق الأعلى بعد منتصف الليل ؟

كان الحارس آدم مرعوباً، لكنه بالرغم من ذلك لا يكف عن التساؤلات، بل إنه وبرغم الرعب الذي يهزه فإن رغبته بزيارة الطابق الأعلى وكشف سر الأصوات والحركة المستمرة لم تخفت. مر وقت طويل عليه وهو جالس على الصوفة باحثاً عن إجابة في متاهة التساؤلات التي يثيرها مع نفسه. نظر إلى الساعة المنضدية فرأى أنها تشير إلى خمس دقائق بعد منتصف الليل. انتبه إلى أنه لا أصوات ولا حركة تأتي من الطابق الأعلى. استغرب الأمر، فعادة في مثل هذا الوقت تكون الأصوات والحركة واضحة. لم يسحبه من متاهته سوى صوت خافت لوقع خطوات أشخاص ينزلون السلم إلى الممر أصاخ السمع، فأحس بأن الأشخاص صاروا في الممر. قفز إلى الباب، نظر من خلال البؤبؤ

الزجاجي، رأى مساعد الطبيب وثلاثة رجال بمعاطف مطر شتوية يتحدثون في ما بينهم بصوت خافت لكن يمكن سماعه وتبيان

مضمونه.

سمع وقفوا عند بابه. كانت على وجوه الرجال الثلاثة ملامح صارمة وكأنهم يريدون أن يطرقوا الباب، لكنه المساعد يقول لهم: لا داع أيها السادة. صدقوني، هذا الحارس غبي، ومجرد سؤاله ربما سنثير شكوكه أكثر. هو لا يتكلم مع أحد تقريباً، ولا يسأل إلا نادراً، بل لا يجيب على الأسئلة تقريباً، وكان يسمع بعض

الأصوات لكنني طمأنته. وأعتقد أنه نائم الآن.

فقال أحدهم بصوت خافت لكنه صارم وحاد: لكني رأيت شخصاً عند الباب ينظر من خلال زجاج الباب

الرئيسي، باب المدخل. ثم اختفى فجأة.

فقال المساعد بنبرة من يحاول تهدئة الآخر وإقناعه: من المؤكد أنه ليس الحارس ، فقد كنت عنده في حدود الساعة الحادية عشرة، وقال لي بأنه سيقوم بجولته الروتينية حالاً، وكما أعرف جيداً أن الأمر لا يطول أكثر من ربع ساعة، وهذا يعني أنه لم يكن الشخص الذي رأيته يا سيدي حاج آدم العسكري.

فسأل شخص آخر بالنبرة نفسها قائلاً:

من يكون إذن؟

صمت المساعد لحظة ثم قال بطريقة ماكرة وعلى شفتيه

ابتسامة خبيثة: ربما من هؤلاء المنسيين الذين بقوا لدينا، ولم نخرجهم،

مشرحة بغدادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن