الموت

167 5 0
                                    

تفحص الجثة باحثاً عن الإصابة التي سببت الموت فلم يجد أي أثر للدم أو لأي جرح واضح . انتبه إلى أن إحدى القدمين

كانت في الحذاء بينما القدم الأخرى حافية. على السرير النقال الآخر الذي وضع قرب النافذة المطلة على الممر، قرب الباب أيضاً، كانت جثة أخرى مسجاة. جثة لامرأة محجبة. امرأة شابة في غاية الجمال وجه بملامح حادة، صارمة ودقيقة، ذكرته بوجوه تأملها في بعض اللوحات العالمية. الرأس كان مغطى بحجاب من الحرير الذي رُسمت عليه نقوش جميلة، حجاب يمتد حتى كتفيها، بينما جسدها يختفي تحت ثوب طويل

أشبه بطيلسان طويل يغطيه من الرقبة حتى القدمين. أعجبه وجهها البريء وأناقتها قياساً للنساء المحجبات. كانت تبدو أيضاً وكأنها نائمة. فتش أيضاً عن إصابتها، فلم يكتشف شيئاً أيضاً. دهش مع نفسه من هذا الانفجار الذي لم يجرح أحداً،

والذي ترك ضحاياه وكأنهم يغطون في نوم عميق.

في وسط القاعة كانت جثة ضئيلة ملفوفة بعباءة سوداء. اقترب منها فرأى امرأة عجوزاً في حدود السبعين من العمر. كانت عيناها مغلقتين وعلى وجهها إثر ابتسامة مرّة وساخرة. هل كانت تسخر

من الموت أم من الحياة؟

فتش عن إصابتها . لم يجد شيئاً. فكر ربما لأنها ملفوفة بالعباءة، لكنه انتبه إلى أن العباءة قد تلطخت بالدم عند منطقة الصدر، كما انتبه إلى أن جثة العجوز ليست هي وحدها التي تشغل السرير المتنقل وإنما في الجانب الآخر جثة لصبي صغير في الثامنة من عمره بملابس المدرسة، ولأن العجوز كانت صغيرة

الحجم فإنهم وضعوا جثة الصبي معها على السرير نفسه.

على السرير النقال الذي يقع إلى يسار القاعة وضعت جثة لامرأة قصيرة القامة أنيقة الملابس، بينما وجه الجثة يكشف عن خوف وألم وكأنها كانت تعي موتها في تلك اللحظات التي واجهته فيها. انتبه لبقعة دم وثقب في جانب الرأس. خمن مع نفسه ربما

ماتت من إثر شظية جاءتها في الرأس.

في أعماق القاعة كانت جثة أخرى لامرأة شابة جميلة الملامح، لكنها كانت مذبوحة العنق. كيف ذلك؟ فكر الحارس آدم. إذ كانت تبدو وكأن عنقها قد قطعته سكين أو آلة حادة، وأن لا علاقة لها بالانفجار. كانت المرأة في ملابس رسمية اعتيادية

وكأنها كانت ذاهبة إلى دائرتها.

سأل الحارس آدم نفسه لماذا جميع الجثث من النساء وليس

بينها أي رجل سوى جثة لصبي صغير في الثامنة؟ غادر الحارس آدم قاعة التشريح إلى الممر الذي كان خالياً

من أي شخص والذي بدا له وكأنه يقع في مكان مجهول. خطا

نحو غرفته التي تقع بين قاعة التشريح وقاعة الثلاجات. فتح باب الغرفة، لكن وبشكل مفاجئ أغلقها واتجه إلى

الطابق الأعلى، إذ راوده فضول أن يعرف شيئاً عن الانفجار وعن أصحاب الجثث التي تتمدد في قاعة التشريح، بالرغم من أن المشهد سيتكرر: قلق عام، وجوه كثيرة غريبة، كل منها يضفي على نفسه أهمية ما لعلاقته بشكل أو بآخر بالضحايا أو المسؤولين

الحكوميين. حركة فوضوية حامية من قبل العاملين في المشرحة. بعض المواطنين الذين يبحثون في أسماء الضحايا.

وصل آدم إلى الطابق الأرضي تأكد مما توقعه. ازدحام عند المدخل والاستعلامات حركة موظفي المشرحة الواضحة التي تبين

مشرحة بغدادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن