بطنه وفتح القفص الصدري، كما يرى الأحشاء والأنسجة اللزجة التي تغطي البطن والصدر عن النساء، وكيف يتحول النهد الذي يتغنى به الشعراء ويثير شهوات الرجال إلى كتلة بشعة من مادة طرية لزجة، وكيف ينكمش النهد عند فتح الصدر ويتحول وكأنه
قشرة تين مهروس. لقد أخمدت مشاهداته رغبته القوية بمضاجعة النساء، فصار يكتفي بالاستمناء، بل صار يفلسف الاستمناء، ويعتبره أفضل حل لتلبية الرغبة الجنسية، فالأمر يتم وفق أجمل التخيلات مع أجمل النساء ومن خلال أجمل الأوضاع، دون أن تتعامل بشكل واقعي مع أجساد هو يعرف أنه لا يستطيع أن يرى فيها غير جثث باردة مفتوحة الصدر بطريقة كريهة ومهشمة الصدر مع وجوه منزوعة الجلد حيث لم يبق سوى الجمجمة الاستمناء هو وسيلة الاكتفاء
الذاتي، وأحد الحلول للخلاص من جحيم الآخر. صار يهزأ مع نفسه من أغاني الحب، ومن الأشعار التي تؤكد
على هموم القلب وعمق المحبة فيه، وهو يراه يومياً تقريباً، لا يعدو قطعة من اللحم المغطى في معظم الأحيان بطبقات من الشحم، والذي يشقه الطبيب أحياناً فلا يخرج منه سوى بعض الدم الأسود. لقد قضت هذه المهنة على أحلامه ورومانسيته وشاعريته.
لم يعد يفكر في الحب على الطريقة الشرقية. حب الآهات
والدموع، ولم يعد يفكر في الزواج وتكوين عائلة، ولم يعد يفكر في المجتمع البشري وآلامه الاجتماعية صار يؤمن أن الموت هو
الحقيقة الوحيدة التي لا يريد البشر النظر إليها، وأن الإنسان هو أبشع المخلوقات على هذه الأرض.
صار يؤمن بالروحانيات بشكل واضح، فالإنسان ليس سوى
جيفة تتحرك، لكن اللغز في نسمة الحياة، أو كما تسمى: الروح. صار يفكر في الروح. تأكد من أن السمة الحقيقية في الإنسان هي روحه. حين تغادر الروح لا يبقى من الإنسان سوى هذا الجسد
البشع من الداخل.
بعد فترة قصيرة من عمله أخذ يفكر في الأطباء ومساعديهم. هل هؤلاء بشر ويمتلكون أحاسيس وعواطف. كيف يذهبون إلى بيوتهم ويجلسون على مائدة الطعام، بل كيف يأكلون اللحوم، علماً أن الذي أثار استغرابه أن هؤلاء الأطباء ومساعديهم يحبون أكل اللحوم، فكثيراً ما كانوا يرسلون الساعي لشراء الكباب أو الرز مع قطع اللحم المشوي أو المسلوق من المطعم القريب من المشرحة. ذات مرة استيقظ مبكراً جداً. لا إرادياً ذهب إلى قاعة الجثث، فلمح مساعد الطبيب يحضن إحدى جثث النساء رافعاً رجليها إلى
الأعلى دافعاً بقضيبه في فرج المرأة الميتة التي حملوها عصراً إلى المشرحة. فكر في دناءة هذا الرجل، لا سيما وهو متزوج ولديه أطفال؟ ما هي الرغبة التي يمكن أن توقظها في نفسه جثة باردة،
يابسة، ومتخشبة؟ جثة تفوح منها رائحة الموت الغريبة؟ لكنه انتبه، بعد ذلك، إلى أن المرأة كانت في حياتها جميلة
وذات جسد مثير، إلا أنها الآن جثة هامدة باردة، فاقدة للإثارة على الرغم من عريها الفاتن؟ كما أنه انتبه إلى أن المساعد تفوح منه رائحة كريهة أيضاً، ربما أكثر عفونة ونتانة من رائحة جثة المرأة العارية.
مرت فترة أخذ يهتم بقراءة الكتب الدينية، والكتب التي تتحدث عن الأرواح، وعذاب القبر وأهواله، لكنه ترك قراءة هذه الكتب لأنه وجد فيها الكثير من الأوهام والترهات. ما من
أنت تقرأ
مشرحة بغداد
Horrorرواية مرعبة جداً،تحاكي من زاوية أخرى الوجع العراقي الذي لا يريد أن يصل إلى نهاية أبداً،يبقى الستار مفتوحاً أن اعتبرنا العراق أكبر مسرح على الأرض ، يعرض أكثر المسرحيات تراجيدياً،حيث تقوم الجثث بأداء أدوار خانقة ، ويكون الديكور أشلاء ودماء الضحايا الأ...