الفصل الأول :رحلة على متن السفينة(٣)

280 6 3
                                    

قُبَيل اَلغُروب بِقليل تمشَّيْتُ أنَا وَأختِي على ظَهْر السَّفينة ، كان المكَان واسعًا جِدًّا ، وَكَأن ظهْر السَّفينة مَدِينَة عَائِمة ، كمٌّ كان شُعورًا مُخيفًا بل فزعًا حِينمَا لَم يَعُد هُنَاك غَيْر البحْر مِن جميع الاتِّجاهات ، رُبمَا تَواجُد بَعْض الطُّيور كان يُضيف اَلقلِيل مِن الشُّعور بِالْأمان ، أُخْتِي لَارَا كَانَت سَعِيدَة جِدًّا وتتراقص كالْأطْفال ، وبالطَّبْع لَم تَكُف عن تَصوِير نفْسهَا ، هِي لَم تَكُن مُولَعَة أبدًا بِمواقع التَّواصل ، وَلَكنهَا بَدأَت مُنْذ تُوُفيَت أُمِّي ، فقد كَانَت البنْتُ المدلَّلة عِنْدهَا ، مَوتُها كان كالْفاجعة بِالنِّسْبة لِعائلتنَا حَتَّى أَبِي لَم يَضحَك مُنْذ ذَلِك اليوْم ، رُبمَا لَو كَانَت مَوجُودة سَيكُون حَالُنا غَيْر هذَا اَلْحال ، وُجودهَا كان سيمْنعنَا مِن التَّواجد هُنَا ، مِن المحَالِّ أن تُوَافِق على هَذِه الرِّحْلة ، حَتَّى الرُّحَّل المدْرسيَّة أُمِّي كَانَت تَرفُضها ، أَتذَكر حِينمَا أُخْتِي قَلدَت تَوقِيع أَبِي وَذَهبنَا سويًّا إِلى رِحْلَة مَدرسِية مِن دُون عِلْم أَهلِنا ، عاقبتنَا أُمِّي بِعَدم اَلخُروج مِن البيْتِ لِمدَّة أُسبُوع كَامِل ، قد أمْضيْنَا اَلعُطلة بَيْن جُدْران غُرْفتِنَا بِسَبب تِلْك اَلغبِية .

تَعبنَا مِن كَثرَة المشْي على بدن السَّفينة ، نزلْنَا بَعدُها إِلى غُرْفتِنَا ، كان رَقمُها 103 ، تَحتَوِي على سريرَيْنِ ومطْبخ صغير فِي دَاخِل اَلغُرفة ، كُلُّ شَيْء تقْريبًا يَعمَل بِالْكهْرباء ، كان هُنَاك أيْضًا جِهَاز حديث لِتشْغِيل الموسيقَا ، مِمَّا جعل لَارَا تَنفَرِج أَسارِير وجَّههَا وبدأتْ بِالرَّقْص على سَريرِها وارْتَمتْ وَهِي تَقُول ( لََا أُصدِّق أَننِي مُتَمددَة على سرير فِي غُرفَة تَعُوم فِي وسط اَلمحِيط ) ، ضَحكَت حِينهَا مِمَّا قالتْه ، لََا أَدرِي لِمَا بعْدهَا كأن الخوْف سَيطَر على قَلبِي ، كُنْت قَلقَة مِن شَيْء لََا أَعلَم مَا هُو ، صحيح أَننِي دائمًا خَائِفة مِن المسْتقْبل ، وَلكِن ذَلِك الشُّعور كان غريبًا ، شُعُور كأنَّمَا شَيْء سَيِّئ قَادِم .

وَعلَى صَوْت الموسيقَا الصَّاخب اَلمزْعِج كَانَت لَارَا تَستمْتِع بِالسَّماع لِتلْك النَّغمات ثُمَّ نَهضَت مِن مَكانِها وَأَمسكَت بِيَدي وبدأتْ تُراقصني ، تِلْك الصَّغيرة وبروحهَا الجميلة تُعْطِي أملا وَحُبا بِالْحياة ، لَكِن لََا يَنفِي ذَلِك اِعْتراضيٌّ على اَلكثِير مِن تصرُّفاتهَا الطَّائشة ، بِالْحقيقة لَارَا فَتَاة غَيْر مَسؤُولة وغيْر نَاضِجة، أَتعَجب مِنهَا كُرْهُها لِأَخي اَلصغِير ، لِأنَّهَا تَحمِله مسْؤوليَّة وَفَاة أمْنًا ، فقد تُوُفيَت أُمِّي عِنْد وِلادَته ، كَيْف لِطفْل رضيع أن يَكُون سببًا فِي وَفاتِها ! ! ، وَلكِن لَارَا لَم تَقتَنِع بِهَذا اَلحدِيث ، فَهِي أَظهَرت العدَاء لَه ، وَكَأنهَا أَعلَنت الحرْب عليْه ، ولكنَّني غَيْر مُصَدقَة لِمشاعر لَارَا ، لَارَا فَتَاة رَقِيقَة لََا تَستطِيع أن تَكرَه أحدًا .

 الأرض الضائعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن